كيف نرتقي بتعليم القرآن في مدارسنا؟

كيف نرتقي بتعليم القرآن في مدارسنا؟
تم النشر في
إنَّ من نِعم الله العظيمة علينا أن جعلنا من أهل هذه البلاد المباركة، التي تستند في دستورها إلى الكتاب والسُّنة، وتجعل خدمة كتاب الله تعالى والحرص على تعليمه من أولى أولوياتها، وأسمى أهدافها. ومن منطلق هذا الهدف تقرأ في الفقرة الثانية من أهداف السياسة التعليمية في السعودية ما نصه: (النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله بصيانتهما، ورعاية حفظهما، وتعهد علومهما، والعمل بما جاء فيهما).
 
ونرى ذلك واقعاً ملموساً من خلال إنشاء مدارس تحفيظ القرآن الكريم، ورعايتها رعاية مادية ومعنوية. فقد كفلت وزارة التعليم مكافآت لحفظة القرآن الكريم من الطلاب والطالبات في المدارس، كما وفَّرت لهم متخصصين ومتخصصات لتدريسهم مادة القراءات القرآنية.
 
وإن من واجبي، بوصفي معلمة قراءات في الميدان التعليمي، إيصال الصورة إلى من يهمه أمر تحقيق هذا الهدف، والوصول إلى أفضل النتائج في تحقيقه.
 
والمشكلة التي بصدد الكلام عنها شاملة مدارس التعليم العام على العموم، ومدارس تحفيظ القرآن على الخصوص، وهي ملموسة لدى التعليم العالي الذي يعاني مخرجات التعليم العام، وسبق أن تحدثتُ مع أستاذات فاضلات في التعليم العالي، يعانين سوء المخرج، ويتساءلن عن المسؤول عن ذلك؟!
 
يتخرج عدد من الطلاب والطالبات من المرحلة الثانوية وهم لا يعرفون كيف يقرؤون القرآن قراءة صحيحة، ويقف على هذه المشكلة كثير من المتخصصين في القرآن، ويعانونها أشد المعاناة. فمؤلم أن يكون هدف تعليم القرآن في سياسة التعليم الهدف الثاني ثم لا نجد مخرجات جيدة تليق به.
 
ولو سردت لكم بعض الأخطاء التي تُعتبر من الطوام في القراءة لصُدمتم من ذلك!
 
فكيف يليق بطالب أمضى في دراسته اثنتي عشرة سنة، يتعلم فيها القرآن الكريم، وهو لا يعرف كيف يقرأ القرآن؟!
 
وأحيل السبب في هذه المشكلة إلى إسناد تدريس القرآن لغير المتخصص.
 
وإيماءً إلى أهمية التناسب بين مخرجات التعليم العالي والتعليم العام، فإن الأول يخرّج متخصصين من قسم القرآن وعلومه والقراءات القرآنية، ويكثَّف لهم تعليم القرآن، وعند تخرجهم يقتصر توظيفهم على تدريس القراءات في ثانويات التحفيظ! فلماذا لا يسند إليهم تدريس القرآن، ويدرج في التصنيف الوظيفي لهم قراءات وقرآن؛ فهم أولى من غيرهم في تدريسه، ولاسيما أن كثيراً من غير المتخصصين يرغبون في تدريسه لسهولة إعداده متناسين الهدف الحقيقي الذي لأجله فُرض تدريس القرآن في المدارس.
 
 وجولة يسيرة على مدارس التحفيظ والتعليم العام تجعلك أكثر يقيناً بما كُتب أعلاه!
 
  ومن الجدير بالذكر نقل شيء يسير من بحث الدكتورة عبير النعيم، أستاذ القرآن وعلومه بجامعة الملك سعود، الذي عُرض في المؤتمر الدولي لتطوير الدراسات القرآنية عام 1436هـ. وقد تضمن البحث مطلباً عن الصفات التي يجب توافرها فيمن يتصدى لتعليم القرآن الكريم وعلومه في المرحلة الابتدائية، وكان من ضمنها: (إلمامه بعلم القراءات، وإذا لم يكن معلم القرآن للمراحل الأولية متخصصاً أو حاصلاً على إجازة في القراءة فإنه لا بد أن يخضع لاختبارات لقياس مدى كفاءته وقدرته على تدريس القرآن الكريم).
 
  ولا يخفى على الجميع أهمية توظيف أبحاث الباحثين في الميدان، والاستفادة من خبراتهم قدر الإمكان.
 
  وإني لأرجو من كتابتي هذا المقال أن تصل الصورة كاملة للمسؤول، وأن تُتناول بالاهتمام. وظني في وزير التعليم خيراً؛ لما أرى من حرصه على المخرج التعليمي الذي يتناسب مع سياسة التعليم المرسومة، وحرصه على موافقة توجُّه خادم الحرمين الشريفين في خدمته كتاب الله؛ فقد كانت له جهود جليلة طيلة الثلاث عشرة سنة الماضية، تبرز في مسابقته الكريمة، ورعايته لها، وتكريمه للفائزين بنفسه فيها.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org