لا تتردد السعودية بجميع مؤسساتها في ترسيخ مبدأ العدل والمساواة، وإصدار الأحكام القضائية بحق أي شخصيات متورطة في أي قضايا، مهما علت أسماؤها، ومهما كانت مناصبهم القيادية. ولعل اليوم كان شاهدًا على هذا المبدأ عندما أعلنت النيابة العامة أن المحكمة الجزائية في الرياض أصدرت أحكامًا بقتل خمسة متهمين قصاصًا في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وسجن ثلاثة من المدَّعى عليهم لتسترهم على هذه الجريمة، ومخالفة الأنظمة، بأحكام سجن متفاوتة، تبلغ في مجملها 24 عامًا.
وتأتي هذه الأحكام بعد أن استكملت النيابة العامة تحقيقاتها وإجراءاتها في القضية ذاتها، التي شملت 31 شخصًا؛ إذ تم إيقاف 21 شخصًا منهم، وتم استجواب 10 أشخاص دون توقيف لعدم وجود ما يستوجب إيقافهم. وخلصت التحقيقات والإجراءات إلى توجيه الاتهام في القضية إلى 11 شخصًا، وإقامة الدعوى الجزائية بحقهم.
تطبيق العدالة
السعودية دولة كبيرة بقادتها ومبادئها ومؤسساتها وجهازها القضائي؛ فهي لا تخشى في الحق لومة لائم، ولا تتراجع عن إحقاق الحق. وعندما تقع السعودية في جريمة ما، مهما كبرت، فإنها تطبق العدالة فيها بكل شفافية ومصداقية، وتعمل على تصحيح الأخطاء، وتُصدر الأحكام الرادعة بحق المتهمين كافة، وفق الشرع الحنيف، دون مهادنة أو محاباة، بما تضمن عدم تكرار مثل هذه الجريمة مرة ثانية.
وعلينا أن نتذكر أن مكانة السعودية وثقلها السياسي والديني والاجتماعي في المنطقة والعالم دفعاها صراحة لإعلان هوية قتلة جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول العام الماضي، وخاطبت العالم وهي تصف المتهمين بأنهم أفراد سعوديون، ارتكبوا جريمتهم من تلقاء أنفسهم بعدما استغلوا مناصبهم. وفي أثناء ذلك وعدت السعودية ـ آنذاك ـ بأن يلقى المتهمون مصيرهم المحتوم، بحسب مقتضيات الشرع. وبعد عام ونيف من وقوع الجريمة فاجأت السلطات السعودية العالم بالقتل قصاصًا بحق من أقدموا على قتل خاشقجي بشكل مباشر، والسجن لمن أسهموا في عملية القتل بطريقة غير مباشرة.
تقدير العالم
إصدار هذه الأحكام بهذه السرعة والشفافية والمصداقية لا يشير إلا لأمر واحد، وسبب وحيد، هو أن السعودية لا تتوانى في تحقيق العدالة في أنصع صورها راجية من وراء ذلك نيل الثواب من الله سبحانه وتعالى؛ وذلك لإيمانها العميق بأن تحقيق العدالة السماوية على الأرض يتماشى مع النداء الإلهي بنشر العدل بين البشر، وإقامة حدود الله دون تردد.
ولعل سرعة إصدار هذه الأحكام تؤكد أن السعودية لا تتأخر في تحقيق العدالة مهما كانت المعوقات. فعندما رفضت السلطات التركية إرسال 12 إنابة قضائية للسلطات السعودية، واكتفت بإرسال إنابة واحدة، لم تيأس السعودية، وواصلت جهودها، وحصلت على الأدلة والقرائن التي تتعلق بالقضية؛ وهو ما ساعدها على إصدار هذه الأحكام بكل ثقة واقتدار، في مشهد حظي بإعجاب العالم وتقديره.
قطع الطريق
وقطعت الأحكام القضائية في قضية جمال خاشقجي الطريق على كل مَن شكك في نزاهة القضاء السعودي، وكل من حاول ابتزاز السعودية، مستغلاً دم الصحفي السعودي؛ فهؤلاء ألمحوا إلى أن السعودية ربما تُصدر أحكامًا مخففة بحق رجالها، إلا أن القضاء السعودي فاجأ الجميع بخمسة أحكام قتل قصاصًا؛ الأمر الذي يبعث برسالة إلى مَن يهمه الأمر بأن السعودية صارمة وحازمة فيما يخص حدود الله، وأنها لن تهادن أحدًا متهمًا.