المراسلات البريدية وطوابع البريد.. حكاية لتوثيق التاريخ السعودي المعاصر

عنصرًا أصيلًا من عناصر التواصل الاجتماعي والإنساني كان لها حضورها الكبير
المراسلات البريدية وطوابع البريد.. حكاية لتوثيق التاريخ السعودي المعاصر
تم النشر في

تشكل الطوابع البريدية عنصرًا أصيلًا من عناصر التواصل الاجتماعي والإنساني، حيث كان لها حضورها الكبير والمؤثر، كونها تمثل الشرط الرسمي الذي يوضع على المظروف، لنقل مختلف الرسائل بين القرى والمدن والمناطق والدول، ووسيلة مهمة من وسائل التواصل بين الشعوب.

وكان لتوحيد المملكة العربية السعودية في العام 1932م، دور كبير في تشكيل هوية جديدة للبلاد في مختلف المجالات، ومنها استخدام البريد والطوابع البريدية، التي تشكل رمزًا من رموز البلاد، بما يشير إليه محتواها المصور، واحتفاؤها بالمناسبات الوطنية، وإشاراتها الدائمة للأحداث التاريخية المهمة.

وتكشف مجموعة الطوابع البريدية التي تقتنيها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وتقدر بأكثر من 13 ألف طابع بريدي، أن الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- جعل لهذه الطوابع دورًا اتصاليًّا مهمًّا، فلم تعد مجرد إشارة توضع على المظاريف لنقلها من مكان لآخر، بل حملت هوية البلاد وإشاراتها الوطنية التي توثق للتاريخ السعودي المعاصر، ولمرحلة التأسيس وما بعدها.

ويعتبر أقدم طابع بريدي صدر في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في شهر مارس 1925م، ويحمل عبارة: (بريد السلطنة النجدية)، تبعه طابع (تذكار الحج الأول في عهد السلطنة النجدية)، ثم طابع تذكار دخول جدة (ديسمبر 1925)، وطابع بريد الحجاز ونجد.

وفي العام 1349هـ صدر طابع بريدي تاريخي يوثق تولي الملك عبدالعزيز الحكم، ورسم فيه: (طغراء الملك عبدالعزيز)، ويحمل بداية ظهور الشعار الملكي "السيفين المتقاطعين مع شجرة النخيل"، وذلك قبل تأسيس المملكة العربية السعودية في 23 سبتمبر 1932م.

ويحمل أول طابع بريدي صدر بالمملكة اسم (المملكة العربية السعودية) في العام 1934م، وصدرت منه عدة طبعات بألوان متعددة، ويحمل أيضًا طغراء الملك عبدالعزيز، وفي العام 1945م / 1365هـ صدرت مجموعة طوابع تذكارية بمناسبة اجتماع الملك عبدالعزيز مع الملك فاروق ملك مصر في رضوى على البحر الأحمر، وفي العام 1946م صدرت مجموعة طوابع تذكارية بمناسبة عودة الملك عبدالعزيز من زيارته إلى مصر، تحمل خريطة المملكة مع العلم السعودي.

واستخدمت جميع هذه الطوابع في الرسائل والمراسلات الشعبية والرسمية التي كانت تصدر عن المملكة في عهد الملك المؤسس، وحتى اليوم، ومثّلت عنصرًا مهمًا من عناصر الاتصال الرسمي والثقافي والحضاري، بما تضمه من محتوى مصور وكتابات تشير إلى وقائع ومناسبات تاريخية متعددة.

وشكل الحدث التاريخي لدخول الرياض في العام 1319هـ ركيزة جمالية تاريخية لعدة طوابع، صدرت بمناسبة مرور خمسين عامًا على دخول الرياض، حيث صدرت في العام 1369هـ مجموعة تمثل جدران المدينة المنيعة وطبعت في مكة المكرمة.

ووفقًا لكتاب: (طوابع المملكة العربية السعودية) من إعداد الدكتور إلياس أكرم قعوار وتصنيف ديفيد جراهام، فقد صدرت في فبراير 1926م / 1345هـ مجموعة من ستة طوابع عادية طبعت في مصر للاستعمال البريدي للدولة الجديدة بقيادة الملك عبدالعزيز، وأعيد طبع هذه المجموعة إضافة إلى ثلاثة طوابع رسوم بريدية مستحقة بمناسبة ذكرى انعقاد المؤتمر الإسلامي في القاهرة في يونيو 1926م / 1345هـ.

وبين عامي 1926-1927 صدرت مجموعة طوابع عادية ورسوم بريدية تمثل (الطغراء) أو الشعار الملكي للملك عبدالعزيز، كما صدرت مجموعات تمثل ذكرى افتتاح سكة الحديد، وزيارات رؤساء وملوك من البلاد العربية والإسلامية للمملكة، وطوابع عن البريد الجوي، وطوابع ضريبة بريدية ما بين 1934-1950م.

وأنشئت بعد توحيد المملكة مديرية الأعمال البريدية عام 1354هـ، حيث كانت مصلحة البرق والبريد والهاتف قبل عام 1373هـ تدير الأنشطة البريدية، ثم انتقلت إلى وزارة المواصلات تحت مسمى (وكالة وزارة المواصلات للشؤون السلكية واللاسلكية والبريدية).

وانضم البريد السعودي للاتحاد البريدي العالمي في عام 1348هـ / 1929م، وصدر أول طابع بريد سعودي عام 1334هـ، لتصبح المملكة ثاني دولة عربية تصدر الطوابع البريدية العادية والتذكارية، ومع بداية خطط التنمية الخمسية عام 1390هـ شمل التطور الكبير للبريد مختلف مجالات الخدمة البريدية بالتوسع كمًّا وكيفًا.

وتُعدُّ الطوابع البريدية من أهم سمات ودلائل التطور التي تجسد وتؤرخ الأحداث والمناسبات لدى الدول والشعوب، وهي سفير ضمني رمزي تختصر الزمان والمكان، وتسرد بتنوعاتها وألوانها تفاصيل غنية بالأحداث حول المملكة العربية السعودية، وتراثها التاريخي والإنساني والحضاري في جميع مجالاته.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org