أيام قليلة تفصلنا عن مرحلة جديدة، ستدخل فيها المرأة بسيارتها شريكة في الشوارع والميادين والمواقف في عدد من مناطق السعودية؛ فقد صدر قرار تاريخي بمرسوم ملكي، يقضي بمنح المرأة السعودية رخصة قيادة أسوة بالرجل على حد سواء. ولا يوجد أية موانع شرعية تحد من منح النساء رخصة (سياقة)؛ لتباشر بنفسها قيادة سيارتها. وقد بدأت الإدارة العامة للمرور يوم الاثنين 20 رمضان 1439هـ تسليم أول امرأة سعودية رخصتها. وهذه الخطوة الأولى في تنفيذ القرار.
ولا شك أن الدولة وضعت على عاتقها رعاية أمن المرأة وأمانها، كما هو دورها المناط بها في حماية كل المجتمع (ذكورًا وإناثًا). ويؤكد القرار أن المرأة في السعودية من حقها أن تقود سيارتها في الشوارع العامة، ابتداء من العاشر من شهر شوال 1439 للهجرة؛ وبالتالي ستقوم المرأة العاملة بقضاء مصالحها كما تريد بلا وسيط، وستذهب إلى عملها أو جامعتها بلا سائق، ولن تحتاج إلى سيارات الأجرة ولا إلى الباصات التي كانت تقلها من وإلى بيتها.. هي وحدها تمتلك حرية اتخاذ قرارها دون وصاية من أحد. وقد وجَّه خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وزارة الداخلية بإعداد نظام مكافحة التحرش وفق أحكام الشريعة الإسلامية، الذي درسه مجلس الشورى، ووافق عليه.
المجتمع السعودي المحافظ يعي دوره تمامًا في هذه المرحلة.. ويقع عليه الدور الكبير في التوجيه السليم،وامتصاص الحماقات، وتهدئة الانفعالات.. ونعرف جيدًا أن الشباب السعودي (فتيانًا وفتيات) على درجة كبيرة من الفهم والوعي والإدراك، وهم - بلا شك - سيحرصون على مرحلتهم الجديدة التي يعيشون رفاهيتها وثقافتها، ويتابعون التغييرات المتلاحقة في برامج التحول الوطني التي تسير في طريق مستقيم نحو تحقيق رؤية الوطن (2030).. وإن كان هناك عدد قليل جدًّا غير متفائل، ويراهن على عدم نجاح التجربة،ويعزو ذلك إلى أن المجتمع غير مهيأ؛ ويحتاج إلى وقت طويل من التجريب حتى تنجح تجربة قيادة المرأة السيارة في السعودية. وأجدني أختلف مع هؤلاء؛ فالسعودية بإنسانها لا تختلف عن بقية دول العالم، بل إن شبابها وشاباتها من أفضل الشباب العربي علمًا وثقافة وخُلقًا وحيوية ونشاطًا.. ولهم عقليات متفتحة، ويفكرون تفكيرًا سليمًا، ولا أعني بذلك أن جميعهم ملائكة، ولكن المؤكد أنهم ليسوا شياطين.
مبارك للمرأة شراكتها شقيقها الرجل في مختلف المجالات، وليس فقط في قيادة السيارة.