تستمر "سبق" في سرد قصص شخصيات، ذُكرت قي القرآن الكريم، منها قصة غاية في الحكمة والموعظة للأبناء وحقوق الآباء؛ إذ عندما أرسل الله تعالى نبيه نوح - عليه السلام - إلى قوم كانوا قد تركوا عبادة الله وحده، وعبدوا الأصنام من دونه، استمرت دعوته تسعمائة وخمسين عامًا، ولكن ما آمن معه إلا القليل من الضعفاء والفقراء.
وأوحى الله لنبيه أن يصنع سفينة، يحمل فيها مَن آمن معه، وكان من بين الذين ركبوا في السفينة أبناء نوح الثلاثة، وهم (سام وحام ويافث)؛ إذ كان لنوح عليه السلام أربعة من الأولاد؛ وهنا تبدأ قصة الابن الرابع العاق "كنعان" كما ذكره الطبري في كتابه؛ فقد كان كافرًا، ولم يتبع دعوة أبيه، ومات على الكفر غرقًا في الطوفان، ولم يكن له ذرية من بعده.
ثم لما هبط نوح ومَن معه سأل الله نجاة ابنه؛ فإن الله وعد بنجاته وأهله. قال تعالى: { وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}، وكان رد الله تعالى: { قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}. فبيَّن الله له أن ابنه وإن كان من صلبه إلا أن بقاءه على الشرك أخرجه من مسمى الأهل.
ثم طلب نوح عليه السلام من ربه أن يغفر له سؤاله ما ليس له به علم {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}.