كيف استطاعت المملكة مكافحة خطاب الكراهية والتطرف في الفضاء الرقمي؟

كيف استطاعت المملكة مكافحة خطاب الكراهية والتطرف في الفضاء الرقمي؟

نجاحها مصدره رصد وخطوات استباقية وذراع "اعتدال" ومحاصرة لأدعيائه وارتكاز على أحدث التقنيات

بينما يكتظ الفضاء الرقمي بحسابات وأفكار مخططي الموت ومروجي خطاب الكراهية، كانت المملكة العربية السعودية ترصد انتشار خطاب الكراهية في ذلك الفضاء، وتعمل على إزالته بالتعاون مع منصات التواصل الاجتماعي.

خطوة استباقية تهدف من خلالها لمنع وصول أفكار التطرف وخطابات الكراهية إلى العقول؛ كونها الخطوة الأولى في مسار تحقيق أهداف الإرهاب البعيدة التي تتجلى في إحداث انفلات أمني، عبر ممارسة التزييف الفكري والاستقطاب والتجنيد.

خطوات السعودية لمكافحة خطاب الكراهية عبر الفضاء الرقمي، كان «اعتدال» ذراعها الأيمن في تحقيقها، فالمركز العالمي لمكافحة التطرف "اعتدال" عمل على رصد وفهم ما يدور في عوالم المنصات الرقميّة، واستخدامه كمفتاح للتحصين ضد مشروع التطرف الذي يروج خطاب الكراهية، ويعمل بمكر وحقد شديدين على قيادة معركته ضد استقرار الأوطان، ومستقبل الإنسان.

وترتبط الكراهية ارتباطا وثيقا بالتطرف، بل إنها أداة المتطرف، حيث إنه لا يستطيع أن يفكر إلا من خلال شحنات كبيرة من الكراهية والعداء والدعوة إلى الانتقام.

وتعطل دوامة الكراهية القدرة على التواصل، وتقضي تدريجيًا على الأحاسيس الإنسانية وعلى المعرفة والتعارف، وتعزز الرغبة في الانتقام والانغلاق ورفض الآخر والجهل الحضاري.

ولتحجيم خطاب الكراهية عبر منصات التواصل الاجتماعي، عمل «اعتدال»، على محاصرة دعاته من خلال تجفيف منابع الكراهية في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، وتشجيع الناس للإبلاغ عن جرائم الكراهية، وتعزيز دور التربية والتعليم تجاه مكافحة خطاب الكراهية ودعم ثقافة التعايش الإنساني، وإطلاق مبادرات أخلاقية تحفز على نبذ الكراهية ونشر قيم الاعتدال.

أبرز ثمار جهود "اعتدال"

بالتعاون مع منصات التواصل الاجتماعي، أبرزها منصة «تلجرام»، استطاع المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف، منذ فبراير 2022م وحتى مارس 2024م، إزالة 75.388.319 مليون محتوى متطرف يدعو للكراهية، وإغلاق 13.533 قناة متطرفة استخدمت في بث الأنشطة الدعائية المتطرفة، التي ترتكز على خطاب الكراهية.

وبحسب بيان صادر عن «اعتدال»، فإن الجهود المشتركة بين المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) ومنصة (تلجرام) خلال الربع الأول من العام الحالي 2024م، أثمرت عن إغلاق 445 قناة متطرفة وإزالة 16.496.615 مليون محتوى متطرف والعائدة لثلاثة تنظيمات إرهابية، وهي: داعش، هيئة تحرير الشام، القاعدة.

فعبر نماذج تعرف بـ"سُمية التعليقات" المعنية بالعنصرية وخطابات الكراهية، تمكنت المعامل الرقمية لمركز «اعتدال»، من مكافحة خطاب الكراهية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبر رصد وتحليل الصور والخطابات ومقاطع الفيديو العائدة لعناصر متطرفة تنشط إلكترونياً، وتقديم دراسات تحليلية تكشف المنهجية والتركيب الديموغرافي للمشاركين في مساحات الفضاء الرقمي.

محتوى محترف للتسامح

جهود تناغمت مع صوغ المركز مؤشر التطرف العالمي، الذي يرتكز على 3 مرتكزات: تقنية، وإعلامية، وفكرية، تتبنى أحدث المناهج العلمية في متابعة خطابات الكراهية والفكر المتطرف ومروجيها، والرد عليها بصناعة إعلام ومحتوى محترف ينشر التسامح والاعتدال، تحت إشراف "لجنة الفكر العليا»" التي تضم كبار المفكرين والعلماء المسلمين من العالم أجمع، والقادرين على مواجهة هذا الفكر.

تلك الجهود التي ارتكزت على أحدث التقنيات، لم يعقها عامل اللغة؛ كون المحتوى الذي يواجه به مركز اعتدال خطاب الكراهية، مترجم إلى جميع اللغات واللهجات، الشائع استخدامها في أطروحات فكر التطرف والكراهية، فضلاً عن تمكنها من تحديد المواقع الجغرافية التي تحتضن بؤرا وحواضن الفكر المتطرف، عبر نظم الذكاء الاصطناعي.

وحاول "اعتدال" إشراك المجتمع في مكافحة الفكر المتطرف وخطاب الكراهية، فأطلق مبادرة تحت مسمى "معتدل" باللغتين العربية والإنجليزية، للإبلاغ عن أي محتوى يروج للكراهية أو التطرف عبر منصات التواصل الاجتماعي، بهدف المكاشفة بشأنه والحد من انتشاره، في سبيل مواصلة نشر وتعزيز ثقافة الاعتدال.

تلك المبادرة كان الهدف منها، منع تسرب خطاب الكراهية نحو وجدان الشعوب وأمزجتها وحساسياتها، والذي يعد أحد أهداف التطرف ومتبني هذا الفكر، في إطار استهدافٍ أوليٍّ غير مباشر للدولة التي تمثّل عدوه الأول والأخير.

صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org