فيصل بن عيّاف.. "الأمين" الذي يقود الرياض للعالمية

أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عبدالعزيز بن عيّاف
أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عبدالعزيز بن عيّاف1526
تم النشر في

قبل فترة بسيطة، أطلق صاحب السمو الأمير الدكتور فيصل بن عبدالعزيز بن عيّاف برنامج "تحوّل الرياض البلدي"، ليؤكد أن العاصمة تدخل مرحلة جديدة من التفكير الحضري والإدارة المحلية، وتحولًا جذريًا في فلسفة العمل البلدي، يعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والمدينة، ويمنح الأمانة روحًا متجددة تواكب النمو الهائل الذي تعيشه الرياض في ظل رؤية المملكة 2030.

رؤية عملية

أمين الرياض بصوته الهادئ ولغته الموزونة الواثقة، يواصل تقديم رؤية عملية تُخرج العمل البلدي من التقليدية إلى الحيوية، ومن المركزية إلى القرب من الناس. ومن هنا جاءت إعادة هيكلة البلديات لتتحول من 16 بلدية فرعية إلى خمسة قطاعات رئيسية ممكنة، تجمع بين المرونة والكفاءة وسرعة القرار، وتعمل بمفهوم تكاملي يجعل كل قطاع مسؤولًا عن منطقة محددة بمستوى خدمات متكامل، مستحدثًا مكاتب "مدينتي" كجسور تواصل مباشر بين الأمانة وسكان الأحياء، لتكون أقرب من أي وقت مضى لنبض الشارع واحتياجاته اليومية.

مسيرة مهنية حافلة

هذا التحول الكبير هو ثمرة تجربة فكرية وعلمية جمعت بين الدراسة العميقة والرؤية الوطنية. فالأمير فيصل بن عبدالعزيز بن عيّاف هو أحد أبناء الرياض الذين تشكّلت شخصياتهم في ممرات العمارة والتخطيط الحضري. درس في جامعة الملك سعود ضمن كلية العمارة والتخطيط، حيث اختار منذ البداية أن تكون المدينة – وليس المبنى – محور اهتمامه. وقدّم خلال دراسته مشاريع تنموية مبكرة لوسط الرياض التاريخي، تؤكد حسه الإنساني المبكر بأن المدن في حقيقتها ذاكرة وهوية.

بعد تخرجه، واصل دراساته العليا في الخارج ليصبح من الكفاءات السعودية المتميزة التي درست تخطيط المدن في جامعتين من أرقى الجامعات العالمية: كولومبيا وهارفارد. في كولومبيا حصل على درجة الماجستير في العمارة والتصميم الحضري، ثم نال من جامعة هارفارد درجة الماجستير في التخطيط والإدارة الحضرية. هناك في بوسطن، قدم أبحاثًا تتناول أنماط النمو الحضري في المدن الخليجية، وكيفية الموازنة بين التوسع السريع والحفاظ على هوية المكان، وهي الأفكار التي ظل يحملها معه حتى اليوم.

خبرة عالمية ورؤية وطن

عاد إلى المملكة محملًا بخبرة عالمية ورؤية وطنية، وبدأ مسيرته العملية في الهيئة الملكية لمدينة الرياض، مشاركًا في عدد من المشاريع الكبرى المتعلقة بالبنية التحتية وتطوير وسط المدينة والمجال العام.

عُرف بقدرته على الدمج بين الجمال المعماري والدقة التنفيذية، فكان قريبًا من كل مشروع يحمل أثرًا ملموسًا في تحسين جودة الحياة داخل العاصمة. وفي 26 نوفمبر 2019م، صدر الأمر الملكي بتعيينه أمينًا لمنطقة الرياض بالمرتبة الممتازة، ليبدأ فصلًا جديدًا من فصول التحول الحضري الذي لم يعرف التوقف منذ ذلك اليوم.

من حينها، غيّر سموه آلية إدارة الأمانة لتتشكل من تنفيذية إلى مشروع فكري متكامل لبناء نموذج بلدي حديث. تبنّى مبكرًا مفهوم "أنسنة المدن" في الأحياء القديمة والجديدة، فبدأت التجارب الأولى في أحياء وسط الرياض لتشجيع الحياة الاجتماعية والأنشطة الثقافية داخل الفراغات العامة. ومع مرور الوقت، أصبحت تلك المبادرات منهجًا في التصميم والتنفيذ، ولتتسم بروح التقارب مع المجتمع في شراكات ناجحة.

إلهام القيادة

يعي "الأمين" بكل عمق إلهام ورؤية القيادة. في حديث تلفزيوني، روى الأمير فيصل موقفًا بسيطًا لكنه كاشف لجوهر العلاقة بين القيادة والمدينة. قال إنه في إحدى المرات استدعاه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأراه صورًا على هاتفه لمواقع داخل الرياض، وطلب منه رأيه وملاحظاته. لم يكن اللقاء رسميًا بقدر ما كان دلالة على أن التفاصيل الصغيرة في المدينة تحظى باهتمام القيادة العليا، وأن الأمانة شريك مباشر في تحقيق الرؤية.

كانت تلك اللحظة – كما وصفها سموه – مصدر إلهام دائم له ولزملائه في الأمانة، لأنها جسدت ما يعنيه أن يكون العمل البلدي جزءًا من مشروع وطني شامل، لا مهمة إدارية محدودة.

ومنذ ذلك اللقاء، صار سموه أكثر إصرارًا على ترجمة رؤية ولي العهد إلى واقع ملموس. فالمشاريع الكبرى في العاصمة – من الطرق والبنية التحتية إلى الحدائق والواجهات – أصبحت جزءًا من صورة جديدة تُبنى كل يوم، وتحمل توقيع إدارة حضرية أكثر احترافًا وشمولًا.

وفي كل مناسبة، يؤكد الأمير فيصل أن المدن لا تُقاس بعدد المباني، بل بنوعية الحياة التي تقدمها للناس، وبقدرة مؤسساتها على الإنصات والتفاعل.

حراك مستمر

وفي سبتمبر وأكتوبر 2025، بلغت الرياض ذروة التحول. شهدت العاصمة فعاليات ومعارض كبرى تحت إشراف سموه، كرئيس لمركز مشاريع البنية التحتية بالرياض، استعرضت أحدث ما وصلت إليه المدينة من حلول ذكية في إدارة المرافق، والتحكم المروري، وإدارة المخلفات، والبنية التحتية الرقمية.

بالتوازي مع ذلك، دشنت الأمانة برنامج "تحول الرياض البلدي" كأكبر عملية هيكلة في تاريخها الحديث، تضمنت إعادة توزيع المهام، واستحداث القطاعات الخمسة الممكنة، وتأسيس منظومة رقمية متكاملة تسهّل وصول المواطن إلى الخدمة في دقائق عبر تطبيقات موحدة.

فلسفة ذكية

هذا يعكس فلسفة "اللامركزية الذكية" التي يقودها سموه، بحيث تبقى القرارات قريبة من الناس، ويصبح العمل البلدي ممارسة يومية أكثر منه إجراءً مكتبيًا.

رأى أهل العاصمة كيف تُطلق المشاريع النوعية لتحسين المشهد الحضري في مئات المواقع داخل العاصمة، وشهدت شوارع الرياض حملات غير مسبوقة لتجميل الجسور والميادين، وزراعة الأشجار المحلية المقاومة للحرارة، ضمن مبادرة "الرياض الخضراء"، بالتعاون مع الجهات الأخرى ذات العلاقة.

وفي خضم كل هذه التحولات، ظل الأمير فيصل حاضرًا في الميدان. لا يتحدث كثيرًا أمام الكاميرا، لكنه يترك خلفه أثرًا صامتًا واضحًا في المشهد. كل شارع منظم، وكل حي أُعيد ترتيبه، وكل مشروع أُنجز في وقته، يروي جزءًا من بصمته.

مدينة عالمية

ولم يتوقف هذا الحضور هنا، فقد امتدت جهوده إلى التعاون الدولي مع مدن عالمية لتبادل الخبرات، والمشاركة في إكسبو 2025، وتوقيع اتفاقيات تطوير مع جهات أكاديمية وهندسية عالمية، وكل ذلك في إطار متكامل يسعى إلى جعل الرياض مدينة عالمية بكل المعايير.

في جوهر كل ذلك، تظل رؤية الأمير فيصل بن عيّاف متّسقة مع الرؤية الوطنية الكبرى: أن تكون الرياض مدينة عالمية؛ مدينة جاذبة بجودة حياة عالية، تعزز الفرص، والتواصل، والانتماء، وترحب بالعالم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org