يبدو أن حلول الأزمة اليمنية تقترب أكثر وأكثر، خاصة بعد الإعلان اليوم عن تشكيل حكومة كفاءات سياسية، تضم كامل مكونات الطيف اليمني، وهو كان مطلب الأكثرية التي دعت إلى أن تكون الحكومة الجديدة مشكَّلة من جمع الأطياف في اليمن بلا استثناء؛ بهدف تعزيز التوافق والتآلف بينها أكثر من ذي قبل، وفتح صفحة جديدة من العلاقات، تراعي وتركز على الصالح العام لليمن.
خطوة تشكيل الحكومة تؤكد أن اليمن دشن مرحلة جديدة من عهده، وتؤكد أيضًا نجاح الجهود المبذولة لبلوغ الحل السياسي، وإنهاء الأزمة، خاصة بعد تنفيذ الأطراف اليمنية ممثلة في الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي (اتفاق الرياض)، بشقَّيْه العسكري والسياسي، بدعم ومساندة المملكة العربية السعودية.
وأعلن التلفزيون اليمني مساء أمس الجمعة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة معين عبد الملك الذي قال إن "إعلان حكومة الكفاءات السياسية تتويج لجهود كبيرة، قادها الرئيس اليمني عبد ربه منصور، وقيادة المملكة العربية السعودية ودول تحالف دعم الشرعية، والقوى السياسية والشخصيات الوطنية".
ولطالما دعت أصوات عربية ودولية إلى تشكيل حكومة توافقية، تجمع كل النخب السياسية في اليمن، دون استقصاء أي تيار، وأكدوا أن هذه الخطوة إذا ما تحققت ستعزز التوافق المفقود في اليمن، وتمهد الطريق إلى حلول سياسية لم تكن حاضرة في الفترة الماضية.
ويعول المجتمع الدولي على تنفيذ "اتفاق الرياض" لتعزيز الأمن والاستقرار في دولة اليمن، فضلاً عن الدعم الذي تقدمه هذه الخطوة لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن في التوصل إلى حل سلمي وشامل للأزمة اليمنية. وهذا الحل بات قريبًا جدًّا بعد حالة التوافق التي بدت عليها جميع الأطياف في اليمن.
التوافق في تشكيل حكومة كفاءات سياسية، تضم كامل مكونات الطيف اليمني، جاء بعد أن تم تنفيذ جميع الترتيبات العسكرية الخاصة بخروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة، وفصل القوات العسكرية في أبين، ونقلها إلى مواقعها المنتخبة، بتعاون كامل وبقدر عالٍ من المسؤولية والالتزام من جميع الأطراف اليمنية. وهذا المشهد يعكس حجم التوافق الذي ظهر عليه المكوِّن السياسي في البلاد.
ولا يمكن تجاهل الدور الذي لعبه قادة السعودية من أجل إنجاح التنفيذ الكامل لبنود اتفاق الرياض، واضعة مصلحة الشعب اليمني أولوية قصوى. وهذا الدور كان محل تقدير واحترام من دول العالم، التي استشعرت حرص السعودية على إنهاء الأزمة اليمنية في أسرع وقت، عبر إيجاد حلول سياسية، ترضي جميع الأطراف، وتسهم في ترسيخ التوافق بين جميع التيارات السياسية في اليمن، وإعادة بناء الدولة على أسس جديدة.
ويتجلى الدور السعودي في هذا المشهد في تعزيز الجانب التنموي لليمن حرصًا منها على التخفيف قدر الإمكان من كاهل الشعب اليمني، وتوفير احتياجاته الضرورية. هذا الدور تعهدت به السعودية منذ اليوم الأول للأزمة اليمنية، وما زالت السعودية تلتزم به أدبيًّا؛ وهو ما يعكس حرص الرياض على الصالح العام لليمن وشعبه.