تعيش منطقة الشرق الأوسط فوق صفيح ساخن، في ظل توترات أوجَدَها عبث نظام الملالي الإيراني ومروقه عن النظام العالمي، وانتهاكاته المتكررة للممرات البحرية التي تنقل النفط؛ فضلًا عن ضلوعه -بشكل مباشر- في الهجمات الإرهابية الخبيثة التي ضربت مَعملي بقيق وخريص؛ مستهدفًا ما يقارب 5.5% من احتياجات العالم للطاقة.
ذلك العبث الإيراني، والتصعيد الخطير من جانب واحد؛ أصبح عامل تهديد شديد الخطورة؛ وهو ما استوجب تعاونًا سعوديًّا أمريكيًّا مشتركًا، بدأ في منتصف يوليو عندما استقبلت المملكة قوات أمريكية، وعُزز أمس بصدور موافقة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- على استقبال تعزيزات إضافية للقوات الأمريكية والمعدات الدفاعية؛ في إطار العمل المشترك بين البلدين لصون الأمن الإقليمي، ومواجهة أية محاولات تُهدد الاستقرار في المنطقة والاقتصاد العالمي.
ما الدوافع؟
تنطلق الرؤية السعودية الأمريكية في التعاون المشترك بين البلدين في هذا الصدد؛ من حرص البلدين على حفظ الأمن الإقليمي، ورفضهما المساس به بأي شكل من الأشكال، وضمان الأمن والسلم الدوليين.
كما أن التصعيد الإيراني في مياه الخليج من جانب واحد، وبما يضر الأمن الإقليمي؛ استلزم اللجوء لسلاح الردع لمثل هذه المحاولات الإيرانية المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة.
ومن شأن هذه التعزيزات الأمريكية الإضافية -في إطار العمل السعودي الأمريكي المشترك- منع أي توترات إيرانية مستقبلية، أو عبث بممرات الملاحة والتجارة الدولية، والمنشآت النفطية بالمملكة؛ لما في ذلك من استهداف صريح للاقتصاد العالمي، وما قد يسببه من اضطراب لأسواق الطاقة.
الضغط الاقتصادي وخيار الحرب
هناك سبب آخر للعمل السعودي الأمريكي المشترك بنشر القوات الإضافية؛ وهو سبب أوضحه ولي العهد صراحة في حديثه الأخير لبرنامج "60 دقيقة" على قناة "CBS نيوز" الأمريكية، حين أكد أنه لا يحبّذ الحلول العسكرية مع إيران؛ لافتًا إلى أن الحلول السياسية والسلمية أفضل بكثير؛ وذلك لأن وقوع حرب في منطقة تشكل تقريبًا 30% من إمدادات الطاقة في العالم، وتشكل تقريبًا 20% من المعابر التجارية العالمية، وتشكل تقريبًا 4% من الناتج القومي العالمي؛ يعني انهيار الاقتصاد العالمي كلية، وارتفاع أسعار النفط بشكل غير مسبوق؛ وفقًا لما أكده وقتها الأمير محمد بن سلمان.
بالتالي، فإن تضييق الخناق على طهران اقتصاديًّا ودبلوماسيًّا؛ سيكون الخيار الأمثل بدلًا من التوجه إلى حرب مستَعِرة ستأكل الأخضر واليابس، وتضع المنطقة على شفير الهاوية؛ خاصة أن المملكة كانت -وما زالت كما أوضح ولي العهد من قبلُ- دولة سلام وليست دولة حرب، ولكنها بطبيعة الحال تضطلع بدورها الإقليمي الذي يُحتّمه عليها ثِقَلها السياسي والاقتصادي في المنطقة؛ وذلك بحفظ الأمن والاستقرار، وعدم السماح لإيران بإيجاد فرصة لإشعال المنطقة بشكل لا يحمد عقباه.