لم يعد مغيبًا عن المواطن والمتابع حقيقة أداء ودور المؤسسات والقطاعات الحكومية في المجالات كافة؛ فكل قطاع استطاع بشكل أو بآخر تحقيق متغيرات تطويرية عديدة، أسهمت بشكل مميز في خدمة المواطن، وتحقيق التنمية.. إلا أن إحدى القطاعات -وهي "مؤسسة التدريب التقني والمهني"- للأسف ما زالت غائبة - في نظري - عن الدور الحقيقي لها الذي يتناسب مع معطيات ومتطلبات المرحلة الحالية في ظل السباق والعمل لتحقيق رؤية 2030.
ولتصل مؤسسة التدريب التقني والمهني لمفهوم التغيير لا بد أن تؤمن أولاً بتعثر أدائها، وضعف مخرجاتها التعليمية والتدريبية، وانحصار دورها في دعم السوق المهني والتقني المحلي بتصدير تراخيص الدورات التدريبية والتطويرية الخارجة معظمها عن مهامها وعملها، وإصدار شهادات معتمدة لدورات متعددة عبر منصتها الإلكترونية.
إن الواقع الذي نعيشه لا يحتاج إلى فقاعات ترويجية، سواء من مدير المؤسسة أو المدربين أو المكتب الإعلامي أو المتحدث الرسمي، للخروج إلينا لاستعراض إنجازات تقليدية وأرقام للخريجين والخريجات، ولا لتكاليف للعقود والاتفاقيات؛ فهذه كلها سئمنا تكرارها وإعادة تدويرها؛ فالأرقام التي تعلنها المؤسسة وبميزانياتها المليارية لا نراها في سوق العمل الحقيقي، ولا في دعم وتوطين صناعاتنا المحلية؛ فلم أشاهد شخصيًّا خريجًا من مؤسسة التدريب التقني والمهني صنع جهاز تبريد، أو مكبرًا للصوت، أو شاشة تلفزيون، أو جهازًا لوحيًّا، أو هاتفًا محمولاً، أو حتى بطارية، أو مصابيح إضاءة.. وهذه الأمثلة التي ذكرتها سابقًا هي أحد مخرجات التدريب التقني والمهني في كثير من الدول كـ"إندونيسيا"، بل تستنزف المؤسسة ميزانياتها بالزيارات الخارجية دون فائدة، بل لم يبرز خريج من مؤسسة التدريب التقني والمهني بتصدير مبادرة أو مشروع مبتكر تقني، يُحدث نقلة في التعليم التقني، كذلك الأمر لأي مشروع مهني.
ويبدو أن تسليم المؤسسة للقطاع الخاص وفق رؤية أكثر واقعية وشمولية، تعمل على النهوض بالتدريب المهني والتقني، وتجديد استراتيجيته، بات ضروريًّا ومطلبًا وطنيًّا، يدرك مدى أهميته مَن يسعى لبناء شباب الوطن.
أخيرًا: النقد هو للنهوض والخروج من متلازمة الماضي والتقليدية.