قال عضو مرصد الخبراء الخليجيين والمتخصص في التخطيط وكفاءة الطاقة، المهندس عبدالرحمن بن مطر الشهراني: "يعيش العالم حاليًّا في فترةٍ من التحولات الصناعية المثيرة؛ حيث يشهد التقدم التكنولوجي تطورًا سريعًا وثورة صناعية جديدة تلوح في الأفق. إن الثورة الصناعية القادمة المعروفة أيضًا بالصناعة 4.0 أو الثورة الصناعية الذكية؛ تعدّ تحوّلًا عملاقًا في طريقة عمل وتفاعل الصناعة والمجتمع بشكل عام".
وأضاف: "تتميز الثورة الصناعية المقبلة بتقنيات مبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات الضخمة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والواقع الافتراضي، والواقع المعزز؛ تتيح هذه التقنيات الجديدة إمكانيات مذهلة للتحسين والتطوير في مختلف القطاعات الصناعية؛ مثل التصنيع، والنقل، والرعاية الصحية، والزراعة، والطاقة، والتعليم".
وأشار إلى أن أحد أهم التحدّيات التي تواجه الثورة الصناعية المقبلة تتمثّل في التأقلم مع هذه التقنيات الجديدة والاستفادة الكاملة من إمكاناتها. وقد يواجه البعض مخاوف من فقدان فرص العمل وتهديد وظائفهم بسبب التلقائية والتحسين التقني. ومع ذلك تشير الدراسات إلى أن الثورة الصناعية القادمة ستؤدّي في الواقع إلى إعادة تشكيل سوق العمل وإنشاء وظائف جديدة تتطلّب مهارات جديدة.
وأردف "الشهراني" في حديثه عن الثورة الصناعية: "على سبيل المثال: يمكن للتقنية الذكية أن تؤدّي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين عمليات الإنتاج؛ مما يعني زيادة الطلب على العمالة الماهرة في هذه المجالات الجديدة، بدلًا من أن تحلّ التكنولوجيا محلّ البشر، فإنها يمكن أن تعمل جنبًا إلى جنب معهم وتعزّز قدراتهم وإنتاجيتهم، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تسهم الثورة الصناعية القادمة في تحقيق تقدّم كبير في مجالات أخرى؛ على سبيل المثال يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين الرعاية الصحية من خلال تطوير الروبوتات الطبية ونظم التشخيص الذكية وتحليل البيانات الصحية. ويمكن أن تساهم أيضًا في تعزيز الاستدامة البيئية من خلال تحسين كفاءة استخدام الطاقة والموارد، وتطوير تقنيات الطاقة المتجددة، وتحسين إدارة النفايات".
وواصل: "يجب أن نواجه أيضًا التحديات التي قد تنشأ نتيجة هذه الثورة الصناعية القادمة. ومن بين هذه التحديات: التحول اللازم في التعليم وتطوير المهارات لمواكبة المتطلّبات الجديدة لسوق العمل. يجب أن يتم توفير التعليم والتدريب الملائم للأفراد لاكتساب المهارات التقنية والتحليلية والابتكارية التي تطلبها الوظائف الجديدة، علاوة على ذلك يجب أن نناقش ونتّخذ إجراءات لحلّ المسائل الأخلاقية والقانونية المرتبطة بتطبيق التكنولوجيا الذكية في مختلف المجالات. يتعيّن وضع إطار عمل قانوني وأخلاقي يضمن الخصوصية والأمان والمسؤولية في استخدام التكنولوجيا الجديدة".
وعن التحديات التي قد تواجه الصناعات في الثورة الصناعية المقبلة؛ أكّد لـ"سبق": "هناك عدة تحديات؛ منها "التغيّر المؤسسي، والتحديات القانونية والتنظيمية، والتأثير على سوق العمل، والأمن والخصوصية، والتوافق الاجتماعي والأخلاقي، والتي من المحتمل أن يكون لها تأثير واضح، ويتطلّب التغلّب عليها بالتفكير الإبداعي والابتكار والتعاون بين القطاعات المختلفة لمواجهة التحديات والاستفادة القصوى من فرص التقدم التقني".
وعن الإجراءات الأمنية لحماية البيانات والخصوصية في الثورة الصناعية القادمة؛ أوصى المهندس "الشهراني" الشركات بتقييم المخاطر التي تشتمل على تحديد الثغرات الأمنية المحتملة، وتحليل تأثيرها المحتمل واحتمالية حدوثها؛ الأمر الذي قد يساعد في تحديد الأولويات وتوجيه الجهود الأمنية بشكل فعّال. كما أوصى بتطبيق إجراءات حماية البيانات، من خلال استخدام تقنيات التشفير لحماية البيانات المخزنة والمرسلة، وتنفيذ إجراءات موثوقية لإدارة وصول الموظفين إلى البيانات، وضمان أنظمة قوية للمصادقة والتحقّق من الهوية.
وواصل "المهندس" نصائحه قائلًا: "التدريب والتوعية يُعدّ من أفضل الممارسات للأمان وحماية البيانات، ويجعلهم على دراية بالتهديدات الأمنية المحتملة مثل الهجمات السيبرانية والاحتيال الإلكتروني، وكيفية التعامل معها والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.
كما أوصى بضرورة اتباع الشركات للمعايير والأطر الأمنية المعترف بها عالميًّا؛ على سبيل المثال يمكن أن تتبع معايير ISO/IEC 27001 لإدارة الأمان المعلوماتي، ومعايير GDPR "اللائحة العامة لحماية البيانات" في حالة التعامل مع البيانات الشخصية للعملاء في الاتحاد الأوروبي".