روى المواطن عبيد بن عبدالله بن أحمد السيد، قصة تاريخ قرية الأبواء بمحافظة رابغ تلك البلدة الوادعة التي تتوسط المسافة ما بين مكة والمدينة، على هامش سلسلة جبال السروات وتخوم سهل تهامة، ويفصلها عن البحر الأحمر عشرون كيلومتراً إلى شرقه بموازاة بلدة مستورة.
وأوضح "السيد" أن جغرافية الأبواء تبدأ بالتقاء مصب وادي النخل مع وادي القاحة شرقاً، حتى آثار بلدة ودان المندثرة غرباً، بطول أحد عشر كيلومتراً يحدها من الجنوب حرّات بركانية، ومن الشمال سلاسل جبال من منظومة سلسلة جبال السروات، يتوزع بين ضفتيها 23 حياً وتعداد سكاني يبلغ 3000 نسمة.
إرث تاريخي
الأبواء بلدة قديمة جداً من قبل الإسلام؛ فهي تقع جغرافياً بنهاية سيطرة قريش وأحلافها شمالاً وجنوب "حرة هرشى"، ومنها تبدأ حدود يثرب السياسية الجنوبية -المدينة المنورة فيما بعد- ولذلك بدأ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بها أولى غزواته؛ لتأمين حدوده السياسية الجنوبية في مهجره الجديد؛ حيث معبر ثنية هرشى الاستراتيجي، فسالمته غِفار سكان الأبواء حينها، فدعا لهم.
وبيّن "السيد" أن غزوة الأبواء تسمى بدر الصغرى، فالأبواء ومواقعها من طريق الأنبياء ما بين مكة وبين بيت المقدس مروراً بيثرب، ويسمى طريق الجادة، طريق مهم لرحلتي الشتاء والصيف، وتشكل الأبواء نقطة مركزية عليه؛ لأهمية معبر هرشى، فهو من ضمن خارطة الأبواء الجغرافية، وتحت سيطرة سكانها في كل زمان.
الأبواء وطرق الحج
من شرقها طريق الأنبياء مروراً بهرشى، ومن منتصفها طريق المسافر مروراً بسوق قبيلة إلى معبر هرشى، ومن غربها طريق البحر من ينبع إلى ودان على هامش حدود الأبواء الغربية إلى هرشى، ومعبر هرشى هنا يشكل عنق زجاجة لكل الطرق المؤدية إلى مكة فالجحفة، وللقادم من مكة جنوباً تعتبر هرشى منصرفاً ومفترق طرق إلى الشمال للمدينة أو بحراً إلى ينبع أو ميناء الجار "الرايس" حالياً.
وبها سوق قبيلة التاريخي، حيث يقع في منتصف بلدة الأبواء يتبضع منه القادم من هرشى، والمتوجه إليها، وسوق قبيلة به جامع أثري جداً، ويتكون السوق من صفين متوازيين يفصل بينهما شارع بسعة 5 أمتار، وعدد الدكاكين بكل مسار ما يقارب الـ35 دكاناً والسوق مبني من الحجارة والطين ومسقوف بالأخشاب وهو ماثل بحالته القديمة إلى اليوم يشبه الأنقاض؛ حيث تعد الأبواء استراتيجية جغرافية، بين الحرمين وتاريخ مجيد عريق.
حفاظ على الأرث
وأوضح مدير عام هيئة السياحة والتراث الوطني بمنطقة مكة المكرمة محمد العمري أن منطقة مكة المكرمة غنية بالآثار، مشيداً بدور رئيس الهيئة الأمير سلطان بن سلمان الذي يولي هذا الجانب اهتماماً بالغاً، وأكد أنه تم تكليف مختصين برئاسة مدير الآثار والمتاحف بفرع المنطقة محمد السبيعي؛ للوقوف على هذا الموروث والعمل مع الشركاء في محافظة رابغ وأمانة جدة وبلدية رابغ والمجتمع المحلي، وبحث سبل المحافظة على هذه المواقع الحضارية والتاريخية.