تعتبر كسوة الكعبة من أهم مظاهر الاهتمام والتشريف والتبجيل والتعظيم بالبيت الحرام؛ حيث شهدت مراحل تاريخية بدأت من قبل الإسلام حتى يومنا هذا، وتميزت فيها كل مرحلة بخاصية معينة.
أول من كساها
يقول الباحث في تاريخ مكة منصور الدعجاني لـ"سبق": كسيت الكعبة في الجاهلية والإسلام، وأول من كساها ملك اليمن (تبع الحميري) قبل الإسلام، ثم كساها قريش عندما بنوا الكعبة، وكساها النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة في السنة العاشرة للهجرة بالثياب اليمانية.
وأضاف الدعجاني: كساها سيدنا أبو بكر وعمر وعثمان، واستمرت بعد ذلك في العصور الإسلامية المختلفة، وكانت تكسى بألوان مختلفة: الأبيض والأحمر والأخضر، حتى استقرت على اللون الأسود في زمن الخليفة الناصر لدين الله العباسي في القرن السادس الهجري، وكانت تكسى الكعبة في بعض الأزمنة مرتين في السنة؛ مرة بالديباج، ومرة بالقباطي.
عهد الخلفاء
وتابع: استمر الخلفاء الأمويون والعباسيون في كسوة الكعبة حتى جاء العهد المملوكي، وأول من كسا الكعبة في العهد المملوكي هو السلطان الظاهر بيبرس سنة 661هـ، ثم قيام مصر بإرسال كسوة الكعبة منذ ذلك الحين في العصرين المملوكي والعثماني، وأوقفت عدة قرى في مصر على كسوة الكعبة، وظلت الكسوة تصنع وتأتي من مصر حتى ثلاثينيات القرن الرابع عشر الهجري / عشرينيات القرن العشرين الميلادي؛ وبسبب تأخر الكسوة في مصر أمر الملك عبدالعزيز أن تصنع كسوة الكعبة في منطقة الأحساء شرق المملكة العربية السعودية، وكسيت بها في هذه السنة.
أمر المؤسس
في سنة 1345هـ/ 1927م أمر الملك عبدالعزيز بصنع كسوة للكعبة المشرفة في مكة، وإنشاء دار خاصة لعمل الكسوة في مكة المكرمة، فقام وزير المالية الشيخ عبدالله السليمان بإنشاء تلك الدار بحي أجياد أحد أحياء مكة المكرمة المعروفة، فكانت هذه الدار أول دار أسست خصيصاً لحياكة وصنع كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، واستمرت تصنع الكسوة في هذه الدار حتى سنة 1354هـ، وفي أواخر عهد الملك سعود اعتمدت وزارة الحج والأوقاف إنشاء مصنع جديد لكسوة الكعبة المشرفة على أحدث الطرق المعمارية والفنية.
حجر الأساس
في شهر شعبان سنة 1392هـ /1972م وفي عهد الملك فيصل؛ وضع الأمير فهد بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية آنذاك؛ حجر الأساس لمصنع كسوة الكعبة في منطقة أم الجود في مكة المكرمة، والذي افتتح رسمياً سنة 1397هـ /1977م في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز.
عهد الملك سلمان
واصل الباحث في تاريخ مكة يقول: استمرت كسوة الكعبة تصنع في هذا المصنع في عهد الملك فهد، ثم الملك عبدالله وإلى اليوم في عهد الملك سلمان؛ الذي أمر بتغيير اسم مصنع كسوة الكعبة في سنة 1438هـ /2017م إلى: مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة.