موقع إستراتيجي متميز في قلب طرق التجارة الرئيسة التي تعبر ثلاث قارات، وقوة استثمارية رائدة، وعمق عربي وإسلامي، عوامل عدة جعلت من المملكة العربية السعودية، بلداً مؤهلاً بامتياز لتنويع اقتصاده بعيداً عن النفط، وأوجد مصادر دخل تدر عوائد كبيرة على مواطنيه وتجعل منه حلقة وصل رئيسة، تعزّز كفاءة سلاسل الإمداد العالمية.
تلك العوامل جعلت من السعودية مرتكزاً يستند إليه بهدف تنويع الاقتصاد عن طريق تطوير القطاعات الواعدة، وزيادة جاذبية المملكة كقاعدة للاستثمارات المحلية والأجنبية، بجانب تنفيذ عدد من المبادرات الرئيسة التي تسهم في تعزيز دور القطاع الخاص، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي تساعد على تحقيق طموحات وتطلعات «رؤية 2030»، مستندة إلى مكامن قوة البلاد.
أهداف جاءت ضمن رؤية 2030 التي وضعت على عاتقها مواجهـة التحديات والضغوط الخارجية التي عاناها الاقتصاد السعودي في السنوات القليلة الماضية، ليبقى السؤال: ما التحديات التي واجهت الاقتصاد السعودي؟
من بين التحديات التي واجهت الاقتصاد السعودي في السنوات الماضية، ضعف مستوى التنويع الاقتصادي والميزة التنافسية للصناعة المحلية، واختلال سوق العمل، إضافة إلى البطالة، وضرورة إيجاد مصادر دخـل جديـدة للمحافظـة علـى تحقيـق معدلات نمو خلال السنوات القادمة.
وجاءت رؤية 2030 لتعالج تلك التحديات عبر خطة تستند إلى ثلاثة محاور أساسية، ترتكز على المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، في ثلاثية، وضعت الاستثمارات المحلية والأجنبية في القلب منها.
ورغم تلك الأهداف الطموحة، إلا أن الاستثمار لم يكن عاملاً لتعزيز الرؤية فحسب، بل بات أداة فاعلة في عملية التحول الاقتصادي التي تنشدها المملكة؛ بهدف تنويع مصادر الدخل القومي، التي تستند إلى استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتشجيع الاستثمارات المحلية، وتعزيز الشراكات بيـن القطاعين العام والخاص.
وبحسب دراسة لـ«غرفة الرياض»، حملت عنوان: «الاستثمار الأجنبي في المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030»، فإن المملكة تتمتع حاليًا بقطاعات واسعة مهيأة للاستثمارات بكل أنواعها؛ فهناك ما لا يقــل عن 18 قطاعًا محليًا في عمق التوجه الاستثماري، وهـي قطاعات متنوعة تشمل الصناعة والطاقة والسياحة والنقل والتصدير وإعادة التصدير وغيرها.
تلك القطاعات، جاءت ضمن مشهد عام، من تحولات إجرائية وتنظيمية اتخذتها حكومة المملكة لدعم وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وبمجموعة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية نجحت الرياض في توفير فرص عمل جديدة، والاستفادة من الأصول الإستراتيجية الرئيسية للمملكة العربية السعودية، ودفع النمو الاقتصادي والتنويع.
ضمن الاقتصادات الأكبر في العالم، جاءت المملكة العربية السعودية لتتصدّر المراتب الأولى، بعديدٍ من القطاعات الإستراتيجية التي تتميز بمزايا نسبية عالية تحفز بدورها جذب الاستثمارات الأجنبية لديها.
وفيما يعد الريال السعودي إحدى أكثر العملات في العالم استقراراً، نظرًا لعدم وجود تغيير كبير في قيمة صرفه خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فإنه لا توجد أي قيود مفروضة على الصرف والتحويل بالعملات الأجنبية وتحويل رؤوس الأموال والأرباح إلى الخارج.
الاستقرار السياسي:
أحد أهم عوامل جذب أي استثمارات في العالم، أن يكون البلد المضيف لتلك الاستثمارات يتمتع باستقرار سياسي، وهو ما تحقق على الأراضي السعودية؛ فالمملكة تتميز بدرجة عالية من الاستقرار السياسي والأمني وانخفاض معدل الجريمة فيها إلى حدود متدنية.
ليس هذا فحسب، بل إن السعودية تتميز -كذلك- باقتصاد منفتح على العالم الخارجي، بحسب معيار درجة الانفتاح الاقتصادي؛ الأمر الذي يجعل المملكة سوقاً جاذبة للاستثمار الأجنبي.
بهدف جذب مزيد من الاستثمارات، منحت السعودية امتيازات ضريبية لعددٍ من المناطق الأقل نمواً لمدة عشر سنوات من بداية أي مشروع.
ومن بين المناطق التي تشملها التخفيضات الضريبية: (حائل، جازان، نجران، الباحة، الجوف، منطقة الحدود الشمالية) وهي مناطق تتميز بوجود مدن صناعية على أراضيها، إضافة إلى أن لديها عديداً من الفرص الصناعية والتجارية والسكنية والخدمية.
ومن بين الحوافز الضريبية كذلك:
• خصم 50% من تكاليف التدريب السنوي للعمالة السعودية.
• خصم 50% من الأجور السنوية المدفوعة للسعوديين.
• خصومات إضافية تمنح إذا زاد رأس المال المستثمر على مليون ريال سعودي.
تضمن نظام الاستثمار الأجنبي بالمملكة مجموعة من الحوافز التنظيمية؛ أبرزها:
• تأسيس الهيئة العامة للاستثمار السعودية (SAGIA) لتكون الجهة المسؤولة عن إعطاء تراخيص الاستثمار للمستثمرين الأجانب، بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى لتوحيد الجهود.
• الملكية للشركات والأراضي بنسبة 100% للأجانب.
• رفع القيود على إعادة تحويل رأس المال.
• لا ضرائب على الدخل الفردي
• إمكانية ترحيل الخسائر الآجلة في بيان الميزانية العمومية لأجل غير مسمى.
• للمستثمرين الأجانب الحق في الاستفادة من المؤسسات التمويلية المتخصصة المحلية والدولية.
• أسعار تنافسية لخدمات المياه والكهرباء والأراضي للمشروعات التجارية والصناعية.
حوافز غير مباشرة
• ارتفاع القدرة الشرائية.
• توافر الموارد الاقتصادية والبشرية والديموغرافية الداعمة للإنتاج.
• توافر البنية التحتية، والتي تتصف معظمها بالتطور والحداثة.
• قرارات حكومية لتعزيز دور الرقابة الداخلية والمراجعة والتأكيد على كفاية المعلومات التي تتضمنها القوائم المالية والحسابات الختامية الصادرة عن الشركات.
مواد كيميائية
تعد صناعة الكيماويات جزءًا أساسيًا من التنويع الاقتصادي للمملكة؛ فتماشياً مع رؤية 2030، تهدف السعودية إلى مضاعفة مساهمات الناتج المحلي الإجمالي للقطاع بحلول عام 2030. وشرعت السعودية بالفعل في برنامج تحولي من شأنه أن يولد نموًا صناعيًا كبيرًا.
تكنولوجيا المعلومات
تهدف رؤية 2030 إلى تحويل المملكة العربية السعودية إلى مركز عالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مدعومًا بالتقنيات الحديثة والبنية التحتية الرقمية العالمية التي تمكن المواطنين السعوديين وتوفر فرص عمل مستدامة.
الطاقة والمياه
ينمو قطاعا الطاقة والمياه بسرعة في السعودية، ويعتبران من أهم القطاعات الإستراتيجية في المملكة، التي تمتلك حاليًا أكبر سوق لتحلية المياه في العالم، وتعطي الأولوية لمعالجة المياه وإعادة استخدامها كوسيلة لتحقيق قدر أكبر من الاستدامة.
الصناعة والتصنيع
يعد قطاعا الصناعة والتصنيع في المملكة هما مفتاح تحقيق تنمية وتنويع الاقتصاد السعودي عبر التعاون والشراكة، وفتح المملكة للعالم لتشجيع الاستثمار الأجنبي.
وتحفز المملكة تطوير ونمو القدرات الصناعية والتصنيعية من خلال نظام بيئي جذاب يتكون من مدن صناعية وبنية تحتية متطورة وإمدادات مرافق عالية الجودة وشبكة لوجستية راسخة.
الرعاية الصحية
ويعد قطاع الرعاية الصحية وعلوم الحياة من أهم القطاعات في السعودية، التي تمول بشكل كبير من القطاع العام، إلا أن المملكة خطت في السنوات الأخيرة خطوات نحو تحسين البنية التحتية للرعاية الصحية، عبر تحقيق خصخصة لتقديم الخدمات بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، لرفع جودة الرعاية.
التعدين والمعادن
نما قطاع التعدين ومعالجة المعادن في المملكة العربية السعودية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وهو قطاع واعد ومربح، ينتظره كثيرٌ من الاستثمارات في الفترة المقبلة.
النقل والخدمات اللوجستية
تقع المملكة العربية السعودية في قلب طرق التجارة الأساسية التي تربط ثلاث قارات، وتحتل موقعًا فريدًا ومفيدًا من الناحية الإستراتيجية، وهو موقع جعلته رؤية 2030 أحد أهدافها لتعظيمه لتصبح رائدة عالمياً في مجال النقل والخدمات اللوجستية.
السياحة والثقافة والترفيه
فترة طويلة جدًا، أغلقت العروض الثقافية الثرية للمملكة في وجه العالم، إلا أن رؤية 2030 فتحت السعودية على العالم، بهدف الوصول إلى فرص ثقافية وإبداعية جديدة تطلق العنان لشهية جديدة للتعاون.
وبموجب رؤية 2030، من المتوقع أن ينمو إنفاق الأسرة على الترفيه من 2.9% إلى 6.0% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يوجِد سوقًا بقيمة 30 مليار ريال سعودي.
بالنسبة لسكان المملكة الطموحين والشباب، فإن سوق الإسكان له أهمية بالغة؛ كون رؤية 2030 اتبعت نهجًا شاملاً لتطوير حلول سكنية مستدامة على مستوى عالمي في المملكة.
وتشمل المبادرات اعتماد تقنيات جديدة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، واستخدام مزيدٍ من المباني الجاهزة، والاستفادة من الروبوتات في البناء، وتقديم حوافز لشراكات القطاع الخاص.
وتقدم وزارة الاستثمار خدمات داعمة واستشارية للشركات لتقديم حلول لاحتياجات أعمالها وتنفيذ الحلول المحلية من خلال الاعتماد على رصيد تراكمي من المعرفة والخبرة العالمية.
المساندة الحكومية
وتتولى وزارة الاستثمار دور الوسيط بين المستثمر والحكومة وزاراتها ودوائرها، فتكون جزءاً من رحلة العميل داخل المملكة، تقدم من خلالها الرعاية لجميع متطلبات العميل.
وتوفر مراكز الأعمال التابعة لوزارة الاستثمار معظم الخدمات الحكومية؛ لتسهيل الخطوات الضرورية للعملاء للبدء بممارسة الأعمال واستمراريتها.
تقدم وزارة الاستثمار دراسات عن وضع السوق المحلي ومختلف القطاعات فيه بالاعتماد على الخطط الحكومية، للشركات الراغبة في الدخول لأول مرة أو من تفكر بالتوسع في عملها الحالي. وتعمل الوزارة مع الجهات الحكومية لتوفير وتطوير وتسويق الفرص التجارية.
وتقوم وزارة الاستثمار بتسويق الفرص الاستثمارية في دليل الاستثمار الذي يظهر جميع التفاصيل الخاصة بالفرص الاستثمارية بالمملكة، عبر العمل بشكل وثيق مع العملاء الحاليين والمحتملين لتقييم كل فرصة نحو التحول لاستثمارات حقيقية.
مراكز الأعمال
وتقدم وزارة الاستثمار خدماتها في خمسة مراكز أعمال تابعة لها، وهي: «وزارة التجارة، الهيئة العامة للزكاة والدخل، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وزارة العدل، المديرية العامة للجوازات، الغرفة التجارية».
استثمر في السعودية
تهدف هذه المبادرة إلى التعرف على البيئة الاستثمارية في السعودية، والاطلاع على القطاعات والفرص الاستثمارية المتاحة.
"تيسير" وهي لجنة حكومية جديدة تدعم القطاع الخاص لتحقيق الازدهار.
المركز الوطني للتنافسية
مركز حكومي مستقل، أُسس عام 2019م، يتمتّع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، ويرتبط تنظيمياً بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويهدف إلى تحسين البيئة التنافسية في المملكة وتطويرها، ونقلها من مرحلة تيسير بيئة الأعمال إلى التنافسية العالمية بمفهومها الأشمل المرتكز على الإنتاجية والاستدامة والشمولية.
ويعمل المركز على الارتقاء بترتيب المملكة في المؤشرات والتقارير العالمية ذات العلاقة، عبر دراسة المعوقات والتحديات التي تواجه القطاعين العام والخاص وتحديدها وتحليلها، واقتراح الحلول والمبادرات والتوصيات ومتابعة تنفيذها.
منصة مرئيات القطاع الخاص
وهي منصة إلكترونية تعمل على تطوير آليات التعامل بين القطاع الخاص والجهات الحكومية، من خلال استقبال مرئيات ومقترحات القطاع الخاص، ورصد التحديات التي تواجههم، ليتم بعد ذلك توجيهها إلى الجهات الحكومية ذات العلاقة.
المركز السعودي للأعمال
مركز حكومي يُعنى بتسهيل إجراءات بدء ومزاولة الأعمال الاقتصادية، وتقديم جميع الخدمات ذات الصلة بالأعمال وفقاً لأفضل معايير الممارسات الدولية.
هل أثمرت هذه الإجراءات؟
صعدت المملكة 103 مرتبات في مؤشر «بدء النشاط التجاري» في تقرير ممارسة الأعمال 2020 الصادر عن مجموعة البنك الدولي، كما تقدمت 29 مركزاً في مؤشر «سهولة ممارسة الأعمال 2020» الصادر عن البنك الدولي.
ونجحت الإجراءات التي اتخذتها المملكة في استقطاب أكثر من 80 شركة أصدرت تراخيص نقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة حتى الربع الثالث من عام 2022، بحسب وزارة الاستثمار التي قالت في تقرير لها، إن 25 جهة حكومية شاركت في اجتذاب شركات جديدة للدخول إلى الرياض من خلال برنامج جذب المقرات الإقليمية.
وضمّت القائمة شركات عالمية كبرى، منها: برايس ووترهاوس كوبرز، وجونسون كونترولز إنك، وديلويت توش توهماتسو، وبيبسيكو ويونيليفر وديدي وسامسونغ وغيرها.
وبلغ عدد تراخيص الاستثمار الجديدة الصادرة خلال الربع الثالث من عام 2022، حوالي 1163، بزيادة بنسبة 8.8% على أساس سنوي، مما يعكس استقرار تراخيص الاستثمار الأجنبي الجديدة في المملكة.