أكد أمير منطقة القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، أن الدرعية جديرة بهذه المكانة التاريخية التي يوليها لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل، وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله؛ مشيرًا إلى أنه مهما قدّم لها من دعم وعطاء فنظل مقصرين بحقها كونها العاصمة الرمز؛ داعيًا كل فرد من أبناء هذا الوطن إلى أن يفتخر ويعتز بهذه البلدة التي قامت على أساسها هذه الدولة المباركة.
وقال سموه: إن الدرعية اكتسبت أهميتها التاريخية كونها نواة الدولة السعودية، وكانت ذات سيادة قومية سابقًا، وأصبحت ذات أهمية تاريخية حاليًا، وعلينا ترسيخ كل خطوة تاريخية مرت وحدثت بها؛ ليعلم أبناء هذه البلاد المباركة ما مرّت به عاصمتهم الرمز من أحداث تاريخية امتدت لقرون.
وأضاف أن ما ذكره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- منذ أن كان أميرًا للرياض بقوله "الدرعية ليست مدينة آثار فحسب؛ بل هي مدينة الماضي والحاضر والمستقبل"؛ يعكس المكانة التاريخية لها، كون كل الذين حاربوها لم يحاربونها كونها بلدة صغيرة بل حاربوا أفكار أهلها وعقيدتهم؛ لأنها مصدر من المصادر التي حمى الله بأهلها عقيدة الإسلام، مقدمًا شكره للدكتور خليفة المسعود على ما قدمه من معلومات تاريخية عن هذه العاصمة العريقة، سائلًا المولى عز وجل أن يبارك في الجهود.
جاء ذلك في كلمة سموه خلال جلسته الأسبوعية مع المواطنين، مساء أمس، بقصر التوحيد بمدينة بريدة، بحضور من أصحاب الفضيلة والمعالي ووكلاء الإمارة ومسؤولي القطاعات الحكومية والخاصة ورجال الأعمال وأهالي المنطقة، التي كانت بعنوان "الدرعية.. العاصمة الرمز قراءة في المكانة التاريخية"، قدّمها الأستاذ في التاريخ السياسي الحديث في جامعة القصيم الدكتور خليفة بن عبدالرحمن المسعود، تناوَلَ من خلالها تاريخ الدرعية التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى "ابن درع" الذي منح لقريبه "مانع ربيعة المريدي" جد آل سعود الثالث عشر عام 850هـ أرضًا في حجر اليمامة تسمى غصيبه والميبيد، وأًصبحت فيما بعد ذات قوة سياسية كبيرة ولعبت دورًا مهمًّا في أحداث المنطقة منذ تولي محمد بن سعود -رحمه الله- إمارتها عام 1139هـ؛ نظرًا لموقعها الهام في وسط إقليم نجد.
وبيّن الدكتور المسعود أن الدرعية باتت عاصمة للدولة عام 1157هـ بعد أن تم الاتفاق التاريخي بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب، كاشفًا أن عدد أمرائها وصل خلال 307 أعوام إلى 17 أميرًا، وتمكنت خلال سنوات وجيزة من توحيد إقليم نجد تحت لوائها، ولم تلبث أن ضمت لها الأحساء ثم الحجاز وجنوب غرب الجزيرة العربية، لتصبح الدرعية عاصمة لأكبر دولة موحدة في شبه الجزيرة العربية منذ عصر صدر الإسلام؛ لافتًا الانتباه إلى أن وجود الدرعية في العديد من الخرائط التاريخية والمشتملة على خريطة الفرنسي بون ريجوبرت عام 1714م، وخريطة القنصل الفرنسي في حلب وبغداد جوزيف روسو عام 1808م، والفرنسي فيلكس مانجان 1823م؛ يعكس الأهمية الكبرى التي تحظى بها الدرعية لدى الغرب.
وتطرّق الدكتور المسعود إلى اهتمام المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأبنائه -رحمهم الله- بها؛ كونها رمزًا خالدًا في قلوب السعوديين، وعملوا على الحفاظ عليها وعلى أبنيتها التاريخية، وعناية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- حيث أعطاها الوقت والجهد والمال وشكّل فِرَق عمل كبيرة للعمل على تطويرها وجعلها شاهدًا تاريخيًّا للأجيال القادمة حتى تم اعتماد حي الطريف جزءًا من قائمة التراث العالمي من قِبَل منظمة اليونسكو.
وأوضح أن هذا الاهتمام استمر، وتلك العناية، من خلال رؤية المملكة 2030؛ من خلال اعتماد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- مشروع تطوير الدرعية تحت اسم "بوابة الدرعية" برئاسة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وهو مشروع سياحي ثقافي يشمل مخططات تفصيلية ومتاحف متعددة، ومدينة طينية تراثية على مساحة 1.500.000م2، وثلاث مخططات تفصيلية لتطوير الدرعية، تضم أكبر متحف إسلامي، ويوفر 55 ألف وظيفة لأبناء الوطن بحلول عام 2030؛ مفيدًا بأن قاعة الدرعية الكبرى بإمارة المنطقة والتي دشنها سمو أمير منطقة القصيم، هي إحدى الخطوات التي تهتم بهذه العاصمة الرمز.
واختتم الأستاذ في التاريخ السياسي الحديث في جامعة القصيم الدكتور خليفة بن عبدالرحمن المسعود، حديثه بأن اسم "العوجاء" يعود للمكان التاريخي للدرعية؛ حيث تم إطلاق هذا الاسم على الدرعية؛ نظرًا لاعوجاج تضاريسها التي تشكّلت من وادي حنيفة الكبير، الذي أنشئ على امتداده قصر "العوجا" بمزرعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله؛ مقدمًا شكره وتقديره لسمو أمير منطقة القصيم على تعزيزه لكل شأن توعوي خادم للمجتمع.
وفي نهاية الجلسة، شارك العديد من الحضور بطرح مداخلاتهم التاريخية حول الدرعية والاهتمام الذي توليه لها القيادة -أيدها الله- وأهمية دور مؤسسات المجتمع وأفراده كافة في تعزيز العمق التاريخي لها ولأحداثها من خلال غرسه لدى الأجيال.