أشاد أكاديميون في مجال الإعلام بدور الإعلام السعودي خلال أزمة جائحة فيروس كورونا العالمية.. وأكدوا في هذا الصدد أنه أدى دوره في مواجهة الجائحة على أكمل وجه، لافتين إلى تصدُّر وسائل التواصل الاجتماعي مصادر المعلومات الصحية للسعوديين خلال الجائحة.
وفي التفاصيل، جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان (الإعلام في عصرنا الرقمي وأثره في التصدي لجائحة كورونا)، أُقيمت ظهر اليوم الاثنين عن بُعد في ختام فعاليات ملتقى التكامل المعرفي، الذي نظمته وزارة التعليم خلال شهر نوفمبر.
وشارك في الجلسة الأمير الدكتور سعد بن سعود آل سعود عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والدكتور محمد الحيزان المستشار الإعلامي، والدكتور حسان بصفر أستاذ الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز، وأيضًا الدكتور أحمد الجميعة المشرف العام على الإدارة العامة للإعلام والاتصال في وزارة التعليم الذي أدار الجلسة.
وتحدث الدكتور سعد آل سعود عن أهمية شبكات التواصل خلال الأزمات، ودور الإعلام وتأثيره على المجتمع، موضحًا أنه في ظل الأزمات يصبح الإعلام المصدر الأول لمتابعة الأحداث، ومعرفة المعلومات، وتشكيل اتجاهات الجمهور وإدارة الأزمة. وقد اشتدت المنافسة بين وسائل الإعلام في جذب الجمهور أثناء الجائحة، بجانب وسائل التواصل الاجتماعي، وارتفعت نسب المشاهدة والمتابعة لوسائل الإعلام في فترة الحظر. وأشار إلى أن المؤسسات الإعلامية الخاصة واجهت أزمة مالية خلال الجائحة نتيجة توقف الإعلان والموارد، قابلها صمود للإعلام الحكومي الذي يعد أهم المصادر الموثوقة. وتصاعد الاهتمام بالأخبار والأفلام والدراما، مثل الزيادة الكبيرة في متابعة شبكة نتفليكس وشاهد بلس بسبب أهمية الترفيه كإحدى وظائف الإعلام في الأزمات، وبروز صحافة البيانات والإنفوجرافك.
وأضاف "آل سعود": أُجريت دراسة استطلاعية عن المصادر الإعلامية للمعلومات الصحية والترفيهية لدى المجتمع السعودي أثناء فترة حظر التجول، وكان أبرز نتائجها تصدر تويتر كمصدر للمعلومات الصحية، تليه القنوات السعودية التي حققت تقدمًا في الترتيب مقارنة بوسائل الإعلام التقليدي الأخرى. وساهم المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الصحة الذي تميز بالسرعة والشفافية والاستدامة في ارتفاع نسبة المشاهدة. تليه وكالة الأنباء السعودية، ثم سناب شات.
وفيما يخص مصادر المعلومات الترفيهية للمجتمع السعودي تفوقت شبكات التواصل الاجتماعي على وسائل الإعلام التقليدي، فيما جاءت الأفلام والمسلسلات وألعاب الكمبيوتر والجوال على رأس خيارات المجتمع لقضاء وقت الفراغ خلال فترة حظر التجول.
واعتبر الدكتور محمد الحيزان أن إعلام كورونا هو أنقى أنواع الإعلام؛ لأنه في ظل الجائحة أصبح الإعلام يمس كل شخص، بما في ذلك الإعلاميون أنفسهم؛ وهو ما فرض على العاملين في الإعلام استشعارًا أكبر لمسؤوليتهم في ضرورة الالتزام بالصدق والموضوعية والدقة في المعلومة. لافتًا إلى أن أغلب قادة دول العالم وظَّفوا الإعلام في التواصل مع المجتمع خلال الجائحة، بل إن بعضهم لجأ إلى عقد مؤتمر صحفي يوميًّا للحديث عن كورونا.
وذكر "الحيزان" أن إعلام الأزمات أصبح ظاهرة ومؤثرًا في ناحية الكيف وليس الكم، مشيدًا بتميز إدارة السعودية لأزمة الجائحة، التي أظهرت مهنية عالية في توعية المجتمع، والتأثير في أفراده للتفاعل إيجابًا، وأسهم في ذلك التنسيق المتكامل بين الجهات ذات العلاقة كافة؛ فأصبحت تقود حملات متخصصة تحت مظلة وطنية أشمل.
ولفت إلى أن ذلك تحقق كإحدى ثمار رؤية 2030 الاستراتيجية التي حددت في إطار الإصلاحات الإدارية مهام الجهات، وكيفية التكامل بينها. وقال إن السعودية استطاعت أن تحول الأزمة إلى فرصة، تجلت في إثبات جودة البنى التحتية، وبخاصة الاتصالية. واستشهد في ذلك بقدرة العديد من المؤسسات على الاستمرار في أداء مهامها عن بُعد، بما في ذلك التعليم؛ لإبراز جهود الدولة والتنسيق والتكامل فيما بينها.
وعن دور الإعلام الرقمي في التوعية بالجائحة قال الدكتور حسان بصفر: قمت بدراسة استطلاعية، أكدت أن وسائل الإعلام الإلكتروني والاجتماعي لعبت دورًا بارزًا كمصدر للتوعية للطلاب الجامعيين خلال الأزمة، والحد من الشائعات، في ظل التعامل الأمثل لحكومتنا الرشيدة مع الجائحة.
وأكد الدكتور أحمد الجميعة أن الإعلام السعودي أدى دوره في مواجهة جائحة كورونا على أكمل وجه، واستطاع أن يعزز المشاركة الاجتماعية في تحقيق الرسائل الإيجابية، والحد من الشائعات، والاعتماد على المصادر الرسمية، والتعامل مع الأزمة بروح المسؤولية، واستثمار الوسائل التقنية في الوصول للأهداف وبناء الرسائل الإيجابية.
وأضاف: قام الإعلام بدور فاعل في مواجهة جائحة كورونا حول العالم، وهو دور جديد ومختلف، لم نعهده من قبل؛ فإعلام كورونا كان تجسيدًا لقدرة الإعلام على صناعة التأثير، وبناء الرسالة التي تصل إلى الجمهور، ونوعية هذه الرسالة وما تحتويه.
وبيّن أن الإعلام واجه تحديات كبيرة؛ إذ إنه لم يكن إعلامًا على مستوى أزمة، بل كان إعلامًا على مستوى جائحة؛ وبالتالي المعيار اختلف تمامًا؛ فلم تعد القضية في التوعية، بل كانت قضية وعي بامتياز، مارس فيها الإعلام دورًا كبيرًا جدًّا، وعزز المشاركة الاجتماعية، واستطاع أن يحقق أهدافه.
وتابع الجميعة: دور الإعلام خلال الجائحة لم يقتصر على التعريف فقط، بل امتد ليُسهم في دعم المشاركة الاجتماعية، وتعزيز المسؤولية لدى المواطن، وأيضًا سرعة الاستجابة.. وهي أبرز مؤشرات نجاح العملية الإعلامية، إضافة إلى نقل المنجز الفريد لحكومة السعودية في التعامل الفريد مع الجائحة إلى العالم؛ إذ إن السعودية كان لها قصب السبق في تفعيل إعلام الأزمات، خاصة في التكامل بين الجهات الحكومية، ومستوى المشاركة المجتمعية عبر وسائل التواصل، التي كان لها دور كذلك، فيما سهلت حالة الوعي لدى المجتمع السعودي من مهمة وسائل الإعلام في التعامل مع الجائحة.
وخرجت الجلسة الختامية في الملتقى بمجموعة من التوصيات، من أبرزها: دعم الشراكة بين كليات الإعلام مع المؤسسات الإعلامية لتطوير المناهج بما يشجع على ثقافة الابتكار والريادة التقنية، وتعزيز الجانب التطبيقي، وتأسيس معامل للابتكار الإعلامي، وتشجيع البحوث الإعلامية في مجال الإبداع والابتكار، بجانب دعم جهود وزارة الإعلام في إمداد وسائل الإعلام بمعلومات موثقة عن الجائحة، وتعزيز ثقة المجتمع في أهمية المصادر الرسمية كمصدر للمعلومات خلال الأزمات، والاهتمام بتخصص إعلام الأزمات في الجامعات، مع الدعوة لاستمرار جهود وزارة الصحة في التوعية بالأمراض كافة، والاستعانة بالمختصين في الجانب الصحي في حوارات إعلامية لتوصيل المعلومة الطبية.