دعوة صريحة وجهها المتحدث باسم وزارة الصحة السعودية، الدكتور محمد العبد العالي، خلال مؤتمر صحفي، بضرورة مواصلة الالتزام التام بالإجراءات الاحترازية التي أقرتها السلطات المسؤولة، بضرورة التمسك بارتداء الكمامات، والحرص على التباعد الاجتماعي، والالتزام باستخدام المعقمات؛ وذلك لمواصلة رحلة النجاح التي تحققها السعودية في سبيل القضاء على فيروس كورونا (كوفيد 19)، محذرًا من أن استهتار البعض بالإجراءات المحددة من شأنه أن يؤدي – لا قدر الله – إلى فقدان المكاسب التي تحققت خلال مواجهة الفيروس بعد التراجع الكبير في نسبة الإصابات في السعودية.
ولا يختلف اثنان على حجم الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة على مستوياتها كافة لضمان صحة المواطن والمقيم، ومقدار الأموال الطائلة التي أنفقتها لتحقيق هذا الهدف، والتضحيات التي قدمها رجال الجيش الأبيض وهم يقضون الليالي الطوال في مساعدة المصابين، وكذلك قوات الأمن التي سهرت لضمان تطبيق الإجراءات، والالتزام بالتوجيهات.
وهذه الجهود المضنية آتت أكلها، وأثبتت نجاحها -ولله الحمد-. ويتضح ذلك من خلال التراجع الكبير في عدد الإصابات، وفي الوقت ذاته التزايد الملحوظ في عدد حالات التعافي؛ وهو ما أسهم في عودة الحياة إلى طبيعتها بنسبة كبيرة.. لكن للأسف لأن هناك فئة مستهترة، اعتادت على عدم الالتزام بالتعليمات، فقد شهدت الفترة الماضية ارتفاعًا في عدد الإصابات؛ لأن البعض ظن أن المرض قد انتهى بدون عودة؛ لذلك شهدت بعض المدن ازدحامًا في الأسواق، وعودة للتجمعات، وعدم التزام بالتعليمات.
ومن الضروري التنبيه إلى أن قوة فيروس كورونا في العالم أجمع لم تتغير أو تتراجع، بل إن هناك أنماطًا متحورة من الفيروس بدأت تظهر في بعض الدول، لكن الالتزام بالإجراءات الوقائية الذي امتاز به المجتمع السعودي خلال الفترة الماضية هو السبب في تراجع الإصابات؛ لذلك فإن الاستمرار في رحلة النجاح يقتضي التمسك بدرجة أكبر بالإجراءات الاحترازية، وأخذ الحيطة والحذر.
وللحفاظ على المصلحة العامة، وعدم إضاعة الجهود التي بُذلت للتصدي للوباء، فإن المنطق يقتضي تغليظ العقوبة على المتهاونين بتنفيذ التوجيهات، مثل الالتزام بالبقاء في المنازل، وعدم الخروج إلا للضرورة، والتمسك بالإجراءات الاحترازية؛ فإن هؤلاء المستهترين المخالفين يلقون بأنفسهم إلى التهلكة، ويجلبون الخطر لأهلهم وذويهم وللمجتمع برمته، من خلال تزايد معدلات الإصابة، وتشكيل ضغط متزايد على النظام الصحي.
ولأن التهاون في اتباع الإجراءات الاحترازية لا يساعد على كبح انتشار الفيروس، بل يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة مع ما تسببه من خسائر في الأرواح والأموال، فإن ذلك يعني ببساطة العودة إلى المربع الأول، وإهدار طاقات الدولة ومقدراتها بدلاً من توجيهها لتحقيق النهضة والازدهار.
ولا بد من إدراك أن الانتكاسة عواقبها وخيمة، وأن كثيرًا من الذين أُصيبوا بالمرض كانوا من المتساهلين والمستهترين بحقيقة المرض؛ فجلبوه لأقاربهم والمحيطين بهم.
اللافت في كل الخطابات التي وجهها قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله –، خلال أزمة كورونا، أنهما يراهنان على وعي الشعب السعودي والمقيمين على هذه الأرض المباركة، والتزامهم بدعم قرارات الدولة عبر الالتزام بتطبيق التعليمات، وهو ما ثبت خلال الشهور الفائتة من خلال النتائج الباهرة التي تم تحقيقها على أرض الواقع.
أما الذين اعتادوا السير عكس الاتجاه، والتغريد خارج السرب، فهؤلاء لا بد من الأخذ على أيديهم، واتخاذ الإجراءات الرادعة التي تضمن شرهم، وترغمهم على التقيد بالتعليمات.. فإن كانوا غير حريصين على حياتهم، ولا يكترثون لصحتهم، فإن غالبية الشعب السعودي ليسوا كذلك، وهم يقدرون ما بذلته قيادتهم الكريمة لأجل ضمان صحتهم وسلامة أبنائهم، ويلتزمون بكل ما تم إعلانه من إجراءات احترازية؛ لذلك ينبغي تغليظ العقوبة بحق المخالفين؛ لأننا جميعًا في مركب واحد؛ نتأثر ببعضنا، ونؤثر في بعضنا.