يؤكّد الكاتب الصحفي "د. بدر بن سعود" أن وزارة الموارد البشرية السعودية تقوم في هذه الأيام بدراسة فكرة تقليص أيام العمل لأربعة أيام، مؤيدًا القرار، ومؤكدًا أنه إذا صدر بالفعل سيكون موفقًا جدًّا، وفيه منافع اقتصادية ودينية معًا؛ فالمملكة في طريقها لأن تكون مركزًا إقليميًّا لأكبر الشركات والبنوك، ومعها المؤسسات الأممية والعالمية، والاقتصاد السعودي أصبح مرتبطًا بصورة واضحة مع اقتصادات وأسواق العالم، كالبورصة وسوق الأوراق المالية والبنوك والشركات، وتوحيد الإجازة الأسبوعية مع بقية دول العالم سيسهم في دعم التعاملات التجارية، ويضمن عوائد أكبر للدولة ولقطاع المال والأعمال.
وفي مقاله "جدلية الـ"ويكند" الجديد" بصحيفة "الرياض"، يقول "بن سعود": "قبل أيام بدأ مجددًا تداول مقترح تغيير الإجازة الأسبوعية إلى يومي السبت والأحد، وتحديدًا بين السعوديين على منصات السوشيال ميديا والمواقع الإعلامية، وتضمن الاقتراح أن يكون هناك نصف دوام في يوم الجمعة، وبحيث يشمل ذلك موظفي الدولة والقطاع الخاص والطلبة والمعلمين. ونشرت صحيفة "الرياض" استطلاعًا في فبراير من العام الجاري، تناولت فيه تفضيلات الناس لإجازة نهاية الأسبوع، وقد انحاز ما نسبته "48%" من المستطلعين إلى اليومين السابقين، وجاء يوما الجمعة والسبت كخيار ثان وبحوالي "29%"، وأول إجازة في المملكة تم إقرارها في سبعينيات القرن العشرين، وكانت في يومي الخميس والجمعة، واستمرت لقرابة 45 عامًا، قبل أن يتمّ استبدالها في 2013 بالجمعة والسبت، واليوم وبعد أكثر من عشرة أعوام، ربما انتقلت إلى السبت والأحد، لتكون المملكة متصلة بالعالم طوال أيام العمل الخمسة".
ويؤكد "بن سعود" أن وزارة الموارد البشرية السعودية تدرس تقليص أيام العمل لأربعة أيام، ويقول: "بخلاف أن وزارة الموارد البشرية السعودية تقوم في هذه الأيام بمراجعة نظام العمل، ودراسة فكرة تقليص أيام العمل لأربعة أيام، وبما يجعل المملكة جاذبة للاستثمار ومنتجة للفرص الوظيفية الجديدة، وكلاهما ممكن ومجرب؛ فقد قامت فرنسا في 2001 بخفض ساعات العمل في القطاعين العام والخاص من 39 ساعة إلى 35 ساعة؛ ما ساهم في توفير 350 ألف فرصة عمل، وفي الصين خفضوا أيام العمل في واحدة من المدن الرئيسة عام 2015 إلى أربعة أيام ونصف، وهذا الإجراء زاد من معدلات الإنفاق الاستهلاكي، وتقليل أيام العمل سيقود إلى إحلال موظفين جدد محلّ المجازين في القطاع الخاص، وستقدم معالجة نسبية لأرقام البطالة السعودية، والتي تقدر بما نسبته "7,7%"، وفق آخر الأرقام، فقد طبقت شركة مايكروسوفت في اليابان نظام الأربعة أيام عمل، وعاد هذا عليها بالمنفعة؛ فقد ارتفعت معدلات الإنتاجية بنسبة "40%"، وتراجع استخدام الورق بنسبة "60%"، ووفرت في الكهرباء بنسبة "35%"، ولم يتمّ المساس برواتب الموظفين الشهرية وكأنهم يعملون لخمسة أيام كاملة، وهذه مسألة حساسة يجب الاهتمام بها".
ويرصد "بن سعود" عدد ساعات العمل تاريخيًّا، ويقول: "في عام 1890 كان معدل ساعات عمال المصانع في أمريكا يصل إلى 100 ساعة في الأسبوع؛ ما يعني 16 ساعة في اليوم ولمدة ستة أيام متواصلة، ويحسب لشركة فورد الأمريكية أنها أول من عمل بنظام الثماني ساعات في 1914، وضاعفت معه رواتب العمل، والسابق حسن من إنتاجيتها وزاد في هوامش أرباحها، مع أن ساعات العمل أصبحت أقلّ، والمبادرة التي بدأتها فورد أقرتها منظمة العمل الدولية في 1919، وحددت فيها سقف ساعات العمل بثماني ساعات يوميًّا، و48 ساعة أسبوعيًّا، وتحولت بعد ذلك إلى ممارسة معتمدة في كل دول العالم".
ويمضي "بن سعود" راصدًا ويقول: "المعايير السابقة اختلفت في زمن ثورة المعلومات والاتصالات، وحتى أدوات القياس تغيرت، وتشير بعض الأبحاث إلى أن الموظف العادي في نظام الثماني ساعات عمل، يكون منجزًا لمدة ساعتين و23 دقيقة لا أكثر، وأجريت دراسة في بريطانيا على ألفَيْ موظف يعملون بنظام الدوام الكامل، وجاء في نتائجها أن معظم ساعات العمل لا تكون لإنجاز أعمالهم، وإنما ينشغل فيها الموظفون بأمور أخرى، كزيارة منصات السوشيال ميديا، وقراءة الأخبار، والنقاشات مع الزملاء، والأصعب أنهم يخصصون "19%" من وقتهم المهدر في البحث عن وظيفة ثانية".
وعن يوم الجمعة يقول "بن سعود": "في زمن الصحابة الكرام كان ترك العمل في يوم الجمعة من الأمور المكروهة؛ لأنه ينطوي على تقليد لاتباع الديانات التي تخصص أيامًا دون غيرها للعبادة ولا تمارسها فعليًّا إلا في حدود ضيقة، والعمل في حدّ ذاته يمثّل شكلًا من أشكال التعبد، وإذا أردنا الكلام عن التأصيل الشرعي، فتحريم العمل استنادًا لما ورد في القرآن الكريم، يبدأ من النداء الثاني لصلاة الجمعة وحتى انتهاء الصلاة، وهذه لا تزيد في الغالب على 35 دقيقة، وإجازة السبت والأحد معمول بها في دول مسلمة إجمالًا، كتونس والمغرب ولبنان وتركيا وماليزيا".
ويعلق "بن سعود" على قرار العمل أربعة أيام فيقول: "في اعتقادي أن القرار إذا صدر بالفعل سيكون موفقًا جدًّا، وفيه منافع اقتصادية ودينية معًا؛ فالمملكة في طريقها لأن تكون مركزًا إقليميًّا لأكبر الشركات والبنوك، ومعها المؤسسات الأممية والعالمية، ومن الأمثلة: افتتاح المركز الإقليمي لصندوق النقد الدولي في الرياض في 24 أبريل الحالي، والاقتصاد السعودي أصبح مرتبطًا بصورة واضحة مع اقتصادات وأسواق العالم، كالبورصة وسوق الأوراق المالية والبنوك والشركات، والمعنى أن توحيد الإجازة الأسبوعية مع بقية دول العالم سيسهم في دعم التعاملات التجارية والأنشطة السياحية والترفيهية، وسيضمن عوائد أكبر للدولة ولقطاع المال والأعمال".
وينهي "بن سعود" قائلًا: "يوم الجمعة منذ أن نقل من ثاني إلى أول أيام الإجازة، تراجعت أعداد حضور صلاة الجمعة مقارنة بما سبق بفعل السهر، وحضورها في تنظيم الإجازة الجديد، إن حدث، سيزيد من أعداد المصلين بالتأكيد؛ لأن الناس سيكونون في أماكن العمل والدراسة، وسيصلون فيها أو في المساجد، بافتراض مغادرتهم لأعمالهم ومدارسهم، في العاشرة والنصف أو في الحادية عشرة صباحًا".