8 أعوام مرت على انطلاق رؤية 2030، منذ أن كشف سمو ولي العهد، رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان عن الخطة الطموحة للمملكة، التي اعتمدت على ركائز ثلاث هي مواطن قوتها، تمثلت في أن المملكة عمق للعالمين العربي والإسلامي، ثم قدراتها الاستثمارية الهائلة، إضافة إلى ذلك، تميز البلاد بموقع جغرافي إستراتيجي ومكانة عالمية.
ومنذ ذلك الوقت، أنجزت الرؤية في طريقها ورحلتها ذات الثماني سنوات نحو 87% من المبادرات التي استهدفت إنجازها في 2030، معلنة كل عام عن عددٍ من الإنجازات والإصلاحات في مسيرة أكبر تحوّل وطني تشهده المملكة العربية السعودية، معتمدة على المواطنين في بناء مستقبل بلادهم، ليحقق اقتصاد المملكة نمواً متسارعاً ومستداماً.
ولم تكن النجاحات الاقتصادية هي محور اهتمام وإنجاز الرؤية فقط، بل تخطت ذلك نحو نجاحات أخرى على المستويين السياحي والثقافي، ولا تقل أهمية عن غيرها من المستهدفات المتنوعة على جميع المستويات.
من بين تلك النجاحات كان النجاح في تسجيل محمية "عروق بني معارض" في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، كأول موقع للتراث العالمي الطبيعي على أراضي المملكة، وذلك امتداداً لجهود السعودية المستمرة في حماية أنظمتها البيئية الطبيعية والمحافظة عليها، والاهتمام بتراثها الثقافي.
وانضمت "عروق بني معارض" بتلك الخطوة إلى ستة مواقع سعودية أخرى مسجلة في "اليونسكو"، وهي: واحة الأحساء، وحي الطريف في الدرعية، وموقع الحِجر الأثري، ومنطقة حمى الثقافية، وجدة التاريخية، والفنون الصخرية في منطقة حائل.
وتقع المحمية على طول الحافة الغربية للربع الخالي على مساحةٍ تزيد عن 12.750 كيلومتراً مربعاً، وتُشكل الصحراء الرملية المتصلة الوحيدة في آسيا الاستوائية، وأكبر بحرٍ رمليٍ متواصل على سطح الأرض.
وتتميز بتنوع نُظمها البيئية التي توفر موائل طبيعية حيوية، والذي يجعل منها مثالاً استثنائياً للتطور البيئي والأحيائي المستمر لمجتمعات النباتات والحيوانات الفطرية؛ حيث تضم أكثر من 120 نوعاً من النباتات البرية الأصيلة، إضافة إلى الحيوانات الفطرية المهددة بالانقراض التي تعيش في واحدةٍ من أقسى البيئات على كوكب الأرض، بما في ذلك القطيع الوحيد الحر من المها العربي في العالم، والظباء الجبلية والرملية؛ لتكون بذلك أغنى منطقةٍ معروفةٍ من الناحية الأحيائية في الربع الخالي حيث يلتقي أكبر بحر رملي في العالم مع ثاني أطول سلسلة جبلية في الجزيرة العربية؛ لتشكل لوحة طبيعية فريدة وثراء في التنوع رغم صعوبة المناخ.
وتستوفي محمية "عروق بني معارض" معايير التراث العالمي بوصفها صحراء رملية تشكل منظراً بانوراميّاً استثنائياً على مستوى العالم لرمال صحراء الربع الخالي، مع بعض أكبر الكثبان الخطية المعقدة في العالم، وتجسد قيمة عالمية رائعة، وتحتوي على مجموعة من الموائل الطبيعية واسعة النطاق والحيوية لبقاء الأنواع الرئيسية، وتشمل خمس مجموعات فرعية من النظم البيئية الوطنية في المملكة، وهو أمرٌ حيوي للحفاظ على التنوع الأحيائي في الموقع.
واستكمالاً لذلك النجاح، وتحقيق ومستهدفات الرؤية، فازت العُلا بجائزة أفضل مشروع للسياحة الثقافية في الشرق الأوسط لعام 2023، في حفل توزيع جوائز السفر العالمية للشرق الأوسط.
وتُعدّ العُلا، التي تقع في شمال غربي المملكة، مكاناً للمرور ومفترقاً لطرق التجارة منذ القدم، وموطناً للحضارات المتعاقبة التي نقشت حياتها في المناظر الطبيعية، وتركت كثيراً من الآثار التي تعكس طرق الحياة وقتها.
وتتنوع المواقع الأثرية والتاريخية في محافظة العُلا، ومن أبرزها الحِجر النبطية، وهي أول موقع للتراث العالمي لـ"اليونسكو" في المملكة، بالإضافة لجبل "عكمة" الذي يزيّنه مئات النقوش الصخرية بمختلف اللغات القديمة، حيث جرى إدراج الموقع في سجل ذاكرة العالم لـ"اليونسكو"، بالإضافة إلى البلدة القديمة، التي تضم أكثر من 900 منزل من الطوب الطيني جرى تطويرها منذ القرن الثاني عشر على الأقل، وجرى اختيارها بوصفها واحدة من أفضل القرى السياحية في العالم لعام 2022 من قِبل "منظمة السياحة العالمية".