مع تزايد أرقام حالات الطلاق في المملكة، يطالب الكاتب الصحفي خالد مساعد الزهراني بالتوسُّع في بنودِ فحصِ الزَّواجِ، من أجل تقييمٍ شاملٍ للحالةِ الصحيَّةِ، والنفسيَّةِ للمقبلِينَ على الزَّواجِ، كما يطالب بحملةٍ توعية للمقبلين على الزواج والأزواج، تشمل أضرار الطلاق، راصدًا أربعة أسباب وراء تزايد حالات الطلاق، ناصحًا كل زوجين بالحفاظ على أسرار بيتهما وخلافاتهما، بجعل "جدران" بيتهِمَا أمينةً على أسرارهِمَا.
وفي مقاله "جدران (البيوت)!" بصحيفة "المدينة"، يقول "الزهراني": "خُصصتْ خطبةُ الجمعةِ الماضيةِ للحديثِ عَن الحياةِ الزَّوجيَّةِ، وكيفَ يتحقَّقُ لهذهِ الحياةِ معنَى (السَّعادةِ)، وكيفَ أنَّها حياةٌ تقومُ على (الشراكةِ)، وليسَ المنافسةِ، وأنَّها حياةٌ لَا يمكنُ أنْ تخلُو ممَّا (يُنغصهَا)، وكيفَ يمكنُ للزَّوجَينِ تجاوزَ ذلكَ، وتحقِّق (ديمومة) هذهِ الحياةِ، التِي حدَّد القرآنُ مبناهَا على (المودَّةِ، والرَّحمةِ)".
ويعلق "الزهراني" قائلًا: "إلَّا أنَّ الحياةَ الزوجيَّةَ فِي ظلِّ مَا يعيشهُ إنسانُ (اليومِ) مِن تطوُّرٍ متسارعٍ لمْ تسلمْ ممَّا قدْ (يوقفُ) مسارَ قطارِهَا، ويعيقُ (تقدُّمهَا)، فيصبحُ خيارَ (الطَّلاقِ) خيارًا حتميًّا، ونهايةً (مؤلمةً) لبدايةٍ كانَ عنوانُهَا (الحُبَّ)، ولهفةَ (الشَّوقِ)، ولحظاتٍ مِن الأنسِ، كمَا هِي طبيعةُ كلِّ حياةٍ زوجيَّةٍ فِي بدايةِ دخولِهَا إلى هذَا (العالمِ)، الذِي هُو أشبهُ مَا يكونُ بتلكَ السفينةِ، التِي تُصارعُ (الأمواجَ)، لتصلَ إلى برِّ الأمانِ".
"يمثِّلُ ذلكَ كلَّ حياةٍ زوجيَّةٍ واصلَ فيهَا الزَّوجَانِ حياتهُمَا، وبقيَا على ذلكَ (الرِّباطِ) متجاوزِينَ كلَّ (العقباتِ)، التِي لا يخلُو منهَا أيُّ بيتٍ، وقدَّمَا منطقَ العقلِ، والحكمةِ فِي معالجةِ كل مَا يعترضُ طريقهمَا مِن (أزماتٍ)".
ويضيف "الزهراني" قائلًا: "بينمَا فِي الجانبِ الآخرِ كانَ (الانفصالُ) هُو الحلُّ، وبكلِّ أسفٍ فإنَّ التوقُّفَ عندَ أرقامِ عددِ حالاتِ الطلاقِ (المتنامِي) يبرهنُ على وجودِ خللٍ، ويستوجبُ البحثَ عَن حلولٍ لَاسيَّما أنَّ معظمَ الأسبابِ (المؤدِّيةِ) إلى الطلاقِ ليستْ مِن القوَّةِ بحيثُ تدفعُ إليهِ إلَّا أنَّ (اللَّحظةَ) التِي حدَثَ فيهَا هِي مَن أمدَّتَها بالقوَّةِ، وأسهمتْ فِي فتحِ بابِ (أبغضِ الحلالِ)".
ويرصد "الزهراني" أربعة أسباب للطلاق، ويقول: "فِي ذلكَ، وبالعمومِ لَا يمكنُ تحميلُ طرفٍ دونَ آخرَ سببَ الطلاقِ، فلكلِّ حالةِ طلاقٍ ظروفهَا، وأسبابهَا، معَ إمكانيَّةِ وضعِ عناوين رئيسةٍ تندرجُ تحتهَا تلكَ الأسبابُ معَ الأخذِ فِي الاعتبارِ تفاوِت النسبةِ بينَ حالةٍ، وأُخْرَى:
يأتِي فِي مقدِّمةِ تلكَ الأسبابِ: الحالةُ الماديَّةُ للزَّوجِ، فكونُ الزوجِ غيرَ مقتدرٍ ماديًّا، ويصادفُ زوجةً غيرَ متفهِّمةٍ لذلكَ الوضعِ؛ مَا يؤدِّي إلى الوصولِ إلى مرحلةِ (عجزِ) الزَّوجِ عَن مسايرةِ حُمَّى (طلباتِ) الزَّوجةِ فيبدآن بسببِ ذلكَ فِي الدخولِ فِي مشكلاتٍ لَا تنتهِي إلَّا بحصولِ المحذورِ (الطَّلاقِ).
ومِن الأسبابِ: النظرُ إلى الحياةِ الزَّوجيَّةِ كمَا تصوِّر جانبهَا (المشرقَ) الأفلام، فيبدأُ الزَّوجَانِ برسمِ أحلامهِمَا، وتصوراتهِمَا عَن تلكَ الحياةِ الزَّوجيَّة وفقَ ذلكَ، وبمبالغةٍ تؤدِّي إلى (سقوطهِمَا) عندَ أوَّلِ اختبارٍ كمَا هِي طبيعةُ الحياةِ، التِي لا تخلُو مِن (المشكلاتِ)، فإنْ لمْ يحدث الطَّلاقُ وقتهَا كانَ ذلكَ إيذانًا ببدءِ السَّيرِ فِي الطريقِ المؤدِّي إليهِ.
ومِن الأسبابِ التِي (يُظلمُ) فيهَا طرفٌ، ويحملُ تبعاتِ ذلكَ رغمَ سلامةِ موقفِهِ، معاناةُ الطرفِ الآخرِ مِن حالةٍ صحيَّةٍ أو نفسيَّةٍ لمْ يتم (الإفصاحُ) عنهَا، فتظهرُ الحقيقةُ (الصادمةُ) عندَ أوَّلِ خطوةٍ لهمَا فِي مشوارِ الحياةِ الزَّوجيَّةِ، وغالبًا تنتهِي إلى حيث الطَّلاقِ، وهنَا يجبُ التوقُّف عندَ أنَّ الزوجةَ هنَا هِي مَن يدفعُ (الثَّمن) حتَّى معَ كونِهَا (ضحيَّةً)، ومغلوبةً على أمرهَا، وليسَ لهَا فيمَا حدثَ سِوَى أنَّها حملتْ (وزرَ) غيرهَا تلاحقهَا النظراتُ، وترافقهَا فِي خلوتِهَا العبراتُ.. وهنَا وكونُ أنَّها (حالاتٌ) كُثُر، وليسَ حالةً واحدةً، فإنَّ مِن المهمِّ أنْ يتمَّ (التوسُّع) في بنودِ فحصِ الزَّواجِ، وصولًا إلى أن يتمَّ الحصولُ مِن خلالِهِ على (تقييمٍ) شاملٍ للحالةِ (الصحيَّةِ، والنفسيَّةِ) للمقبلِينَ على الزَّواجِ، ومِن الطَّرفَينِ.
ثمَّ يأتِي سببٌ (جوهريٌّ) فِي حصولِ أبغضِ الحلالِ، وذلكَ السببُ كبنيةٍ مجتمعيَّةٍ يكادُ (يُسحبُ) على معظمِ حالاتِ الطَّلاقِ، وأعنِي بذلكَ حصولَ (التدخلاتِ) الخارجيَّةِ مِن أهلِ الزَّوجِ، والزَّوجةِ فيمَا يحصلُ بينَ الزَّوجَينِ مِن سوءِ تفاهمٍ، فتأتِي تلكَ (الفزعةُ) بمَا يُلقِي المزيدَ مِن الحطبِ على نارِ الخلافِ، حيثُ يسعَى كلُّ طرفٍ لتحقيقِ النصرِ (المزعومِ)، ومَن يدفعُ ضريبةَ ذلكَ النصرِ الزَّوجُ، والزَّوجةُ، وحياةٌ كانتْ ثمَّ بادتْ".
وعَن الحلولِ فإنَّها قدْ أُشبعتْ (طرحًا)، ومِن جميعِ المستوياتِ، فيمَا يبقَى (التطبيقُ) فِي حكمِ (وقفِ التنفيذِ)، والنتيجةُ مَا يُلاحظُ مِن تزايدِ حالاتِ الطَّلاقِ، وإنْ كانَ مِن حلٍّ فِي (المتناولِ) فإنَّ فِي حرصِ الزَّوجَينِ على أنْ تكونَ (جدرانُ) بيتهِمَا أمينةً على أسرارهِمَا مَا يدفعُ الكثيرَ مِن (النقمِ) عنهمَا، ومَا يسهمُ فِي (قطعِ) الطريقِ على كلِّ مَن يريدُ أنْ يسجِّلَ حضورًا على حسابِ سعادتهِمَا، واستقرار حياتهِمَا، ثمَّ يكونُ الندمُ، وإنْ كانَ هنالكَ أبناءٌ فذلكَ يعنِي حكايةً أُخْرَى مِن المعاناةِ فِي كنفِ (الشتاتِ). فهلْ مِن (حملةٍ) تستنهضُ الوعيَ، وتوقفُ مَا يحدثهُ الطَّلاقُ فِي قوامِ الأسرةِ، والمجتمعِ مِن نزيفٍ؟ أرجُو ذلكَ".