سؤال منطقي إلى حد ما.. ونسأل أنفسنا وأهلنا وأولادنا، ومَن حولنا: هل تحبون الفلوس..؟! وهل الفلوس كل شيء..؟! لماذا نقول "فلوس"، ولم نقل المال بدلاً منها..؟! الإجابة ستكون لاحقًا في آخر المقال.. لكن لنعُدْ للحب من عدمه لأوراق البنكنوت على مختلف ألوانها، خاصة الزرقاء (واللون الأزرق دائمًا يبهر، لا أدري ما السبب..؟!).
يحاول البعض منا أن يبيّن أنه لا يحب الفلوس؛ ولذلك تجد إجابة أولئك البعض عادة تكون نمطية، ومطاطية، وغير مقنعة..! كأن نقول إنها ليست كل شيء، ونعلم علم اليقين في هذا العصر أنها صارت كل شيء تقريبًا، بل قد تجد دولاً تختلف من أجل المال أو الفلوس، وقد تتعارك فيما بينها بسبب ذلك، فما بالنا بالأفراد..؟! وقد تهدم أسر ومجتمعات بسبب تردي الحالة الاقتصادية، وهذا واقع نعيشه..!
لماذا ننكر أن الفلوس حاليًا أضحت كل شيء أو دخلت في كل شيء؟! بل هي التي تجلب الناس حولك، وهي التي تبعدهم عنك فيما لو كنت مفلسًا، وتشتري كل ما تريد وما لا تريد فيما لو أسرفت، وهي ليست وسخ دنيا كما يصفها بعض الناس، خاصة بعض رجال الأعمال، ونجدهم يتسابقون ويتقاتلون عليها، وقد يوالون ويعادون من أجل تلك الفلوس التي يصفونها غير منصفين بأنها "وسخ دنيا"، بل هي رزق ساقه الله إليك؛ فيجب شكر الله على تلك النعمة..!
وختامًا.. في بداية المقال تعمدت قول فلوس بدلاً من المال؛ وذلك لتعوُّد الكثير على تلك المفردة "فلوس" غير أن الفلوس غيَّرت كثيرًا من النفوس، ولاسيما أنها إذا كانت كثيرة لدى الشخص؛ وبالتالي قد يتغير على من حوله؛ فهو لم يعد كما كان؛ فنقول إن الفلوس غيَّرته، وليس المال الذي قال الله تعالى فيه في {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}، أي حبًّا شديدًا..! وتحبون جمع المال أيها الناس واقتناءه حبًّا كثيرًا شديدًا.. من قولهم: قد جم الماء في الحوض: إذا اجتمع. ومنه قول زهير بن أبي سلمى: (فلمــا وردن المـاء زرقـا جمامـه *** وضعـن عصـي الحـاضر المتخـيم).
ولذلك إنكار أن المال أو لنقل الفلوس ليست كل شيء، وأن الفلوس وسخ دنيا، محض افتراء، وكلام غير صحيح البتة، بل هي عصب الحياة، وهي ضرورية جدًّا، وبها قد تسعد حياتك أو تشقى، ولكن ليس بالمطلق؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من سعادة المرء: الْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ". ولا يتأتى ذلك عادة إلا بوجود الفلوس. والله يرزقنا وإياكم المال أو "الفلوس" الحلال الزلال من غير تغيير في النفوس.. آمين يا رب العالمين.