
انتشرت قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم عبادة الأوثان في القبائل بشكل كبير في الجزيرة العربية وحول الكعبة المشرفة؛ وذلك قبل أن تنتشر الحنفية -ملة إبراهيم الخليل- وتمحو كل الشرك في بلاد العرب.
الجاهلية الأولى
كان الحج في الجاهلية له طقوس خاصة، ويدخل الحجاج إلى البيت الحرام ويتمتمون بجملة "عك هبل" ويعود أصل الجملة، إلى أنه كانت هناك قبيلة يمنية اسمها "عك"، يقصد أهلها الكعبة كل عام للحج، وكانوا يرسلون عبدين أسودين يطوفان حولها وينشدان "نحن غرابا عك"؛ أي "نحن عبدا قبيلة عك"، إذ كانوا يطلقون قديمًا على العبد شديد السواد كلمة "غراب"، ثم يرد أهل القبيلة على العبدين أثناء طوافهما "عك إليك عانية"؛ أي أن القبيلة جاءت إليك "خاضعة"، ثم "عبادك اليمانية"، أي الذين جاءوا من اليمن، "كيما تحج الثانية"؛ أي أنهم جاءوا ليحجوا مرة أخرى.
مليئة بالضلال
وحول الموضوع أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ سعود الشريم في إحدى خطب الجمعة بالمسجد الحرام أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبطل كل تلبيات الجاهلية لتبقى تلبية التوحيد مدوية على مر عصور الإسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأضاف الشريم أنه من باب تأكيد النبي -صلى الله عليه وسلم- على شعيرة التوحيد هذه سن رفع الأصوات بها، لتطمس تلبية التوحيد تلبية المشركين.
وتابع: كما جاء عند مسلم في صحيحه أن المشركين كانوا يلبون ويقولون في تلبيتهم "لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك"، تعالى الله عما يقولون، إنها تلبية مليئة بالضلال والشرك ومدعاة للاستخفاف بعقول مردديها، مع أنهم ذوو دهاء وعقول راجحة. وأوضح أن تلبية الحج في الإسلام هي: "لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
التلبية
من جانبه يقول الشيخ يوسف الساكت إمام وخطيب بوزارة الأوقاف بالكويت: إن أصل التلبية اشتقاق من الفعل (لبى)، ويعني استجاب وأجيب، وهو لفظ ارتبط بمناسك الحج بشكل عام سواء قبل البعثة وبعدها.
وأشار "الساكت" إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أزال كل مظاهر التلبية في الجاهلية؛ مبينًا أن لفظة "لبيك" تفيد معنيين: الإجابة، وحينها تكون من (لبى) بمعنى: أجاب. والإقامة، وحينها تكون من (ألب) بمعنى: أقام.
وأبان "الساكت" في تصريحه لـ"سبق" أن لفظ اللهم: أي: يا الله. ولبيك: تأكيد للتلبية الأولى، وتعني لبيك لا شريك لك: هذا فيه نفي الشريك عن الله تعالى؛ فالعبد الحاج حين يقولها، فإنه يُظهر بلسانه ما انعقد عليه جنانه، من نفي الشريك عن الله في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته وليس هذا النفي محضا؛ بل هو نفي يتضمن الإخلاص لله تعالى.