يواجه العالم اليوم العديد من التحديات الصعبة، والأزمات الاقتصادية الخانقة، وزادتها الجائحة سوءاً بما أحدثته من جرح غائر في الجسد العالمي المثقل بالهموم، فانعكس على حياة الناس ومعيشتها، وهو ما يتطلب تدخلاً فورياً، وتضافراً للجهود العالمية للخروج من عنق الزجاجة، وهو التحدّي الأكبر الذي تواجهه قمة مجموعة العشرين المزمع انعقادها على مستوى القادة يومَي 30 و31 أكتوبر الجاري في العاصمة الإيطالية روما.
الأعباء التي أضافها الوباء على المجتمع الإنساني، ألقت بظلالها الكثيفة على حيوات البشر، لتضع على طاولة "العشرين" 7 ملفات أو تحديات تحتاج إلى تضافر الجهود نحو التعافي السريع في حقبة ما بعد الوباء.
عدم المساواة
أحد أهم التحديات التي تواجه العالم بأسره، حيث إن أوجه عدم المساواة تقوض التقدم الاقتصادي، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية، حيث يشهد أكثر من ثلثي سكان العالم حالياً ارتفاعاً في التفاوت من حيث الدخل والثروة، الأمر الذي يضع عراقيل جمة أمام آفاق التنمية المستدامة.
ومنذ الأزمة المالية العالمية لعام ٢٠٠٨، زاد عدد أصحاب المليارات بأكثر من الضعف. ويقول المصرف السويسري Credit Suisse إن 82% من مجموع الثروة الجديدة التي تم إنتاجها في عام ٢٠١٨ ذهبت إلى أرصدة شريحة الواحد في المائة العليا.
تمكين المرأة
لقد تبنى عدد من المنظمات الإنمائية حول العالم مبدأ تمكين المرأة كهدف رئيس في برامجها، كذلك استحدثت الأمم المتحدة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بغرض التعجيل بإحراز تقدم فيما يتصل بتلبية احتياجات النساء والفتيات على الصعيد العالمي.. إلا أن الأمر مازال يحتاج إلى المزيد من الجهود، حيث يلفت التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2020 إلى أن تحقيق التكافؤ الكامل بين الجنسين سيحتاج إلى ما يقرب من 100 عام!
الأجيال الشابة
مع تزايد مطالبة الشباب بفرص أكثر إنصافاً في مجتمعاتهم، أصبحت مواجهة التحديات المتعددة التي يواجهها الشباب (مثل فرص الحصول على التعليم والصحة والتوظيف والمساواة بين الجنسين) أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
وبحسب موقع الأمم المتحدة، فإنه هناك 1.2 مليار شاب تراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يمثلون 16% من سكان العالم. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الشباب بنسبة 7% بحلول عام 2030 ليصل إلى نحو 1.3 مليار شاب وشابة.
الفئات الضعيفة
أحدث الوباء الكثير من التغييرات السلبية التي انعكست بوضوح على الفئات الأكثر ضعفاً، يشمل ذلك كبار السن والأشخاص من ذوي الإعاقة والنساء والفتيات، لا سيما الأشخاص في البلدان التي تعاني بالفعل من النزاعات، أو الأزمات الاقتصادية أو المناخية، واللاجئون من بين المجموعات التي تواجه أكبر الأخطار.
ويتطلب الأمر توفير الحماية الاجتماعية لمثل هؤلاء. بحسب غاي رايد، المدير العام لمنظمة العمل الدولية، فإن 29% فقط من سكان العالم يحصلون على تغطية حماية اجتماعية مناسبة. وفي الوقت نفسه فقد نحو 150 مليون وظائفهم في الربع الأول من 2020، والرقم مرشح للتزايد بلا شك.
توفير الوظائف
لا شك أفقدت الجائحة الملايين وظائفهم، وسيكون من الضروري في حقبة التعافي معالجة ذلك التأثير السلبي بتوفير الوظائف الجديدة، وتغطية الاحتياجات المتزايدة، وتخفيض البطالة بصورة مستدامة، وتقدر منظمة العمل الدولية عدد العاطلين في العالم بـ188 مليون عاطل، فيما يمكن أن تؤدى الجائحة والأزمة الاقتصادية الحالية، إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل في العالم بنحو 25 مليون شخص إضافي.
الحماية الاجتماعية
تشكّل الحماية الاجتماعية الشاملة ركيزة أساسية لتحقيق مجموعة من أهداف التنمية المستدامة التي حدّدتها الأمم المتحدة، إذ لا سبيل إلى القضاء على الفقر أو تقليص حجم التفاوت أو تحقيق المساواة بين الجنسين ما لم تتوافر تلك الحماية. ولا يحصل سوى 29% فقط من سكان العالم على تغطية حماية اجتماعية مناسبة، بحسب غاي رايد، المدير العام لمنظمة العمل الدولية.
الأمن الغذائي
القضاء على الجوع هو أحد أهم أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، إلا أن ذلك الهدف أخذ في التباعد شيئاً فشيئاً، إذ يشير تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2020، إلى أنّ ما يقارب 690 مليون شخص كانوا يعانون الجوع في عام 2019، أي بزيادة قدرها 10 ملايين نسمة مقارنة بعام 2018. وتشير التقديرات الواردة في هذا التقرير إلى أنّ الجائحة قد تدفع بأكثر من 130 مليون شخص إضافي من جميع أنحاء العالم إلى دائرة الجوع المزمن.
ولا شك فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ووضع قيود على تصديرها قد أضعفا مكانة الأمن الغذائي في العديد من البلدان.