قال مدير عام فرع وزارة العدل بمكة المكرّمة وإمام وخطيب جامع الشيخ عبدالله بن حميد، الدكتور عبدالله الحريري؛ إن هذا الشهر المبارك يجب أن يكون منطلقاً لرجعة ثابتة، وعودة صادقة إلى الله - جلّ جلاله - وليست تغيراً مؤقتاً في أيام معدودة، فيا سعادة الصائمين، ويا بُشرى والله للقائمين إيماناً واحتساباً دون تثاقل وملل ومن غير استطالة أو كلل.
وأضاف: "أخي الصائم، إن على المسلم ألا يستكثر عمله على ربه من صيام وقيام وصدقة واعتكاف وتلاوة ودعاء، فكل عمله مهما كثر قليل في جانب نعم المولى -جل وعلا- عليه، وإنه لمن الحرمان والغبن والخسارة، أن تمر أيام وليالي هذا الشهر المبارك، وفيه من المسلمين من لم يرفع رأساً لاغتنام هذه الأوقات، فيقطعون النهار بالنوم والكسل والليل بالسهر واللهو والمحرمات، والتفنن في المشتهيات والملذات وإطلاق الجوارح أسماعاً وأبصاراً وألسنة إلى ما حرّم الله - عزّ وجلّ".
وأردف: "ألا يتذكر أولئك سرعة زوال هذا الشهر؟ ألا يحسنون الأدب مع شهر الله المبارك؟ أين محاسبة النفوس يا عباد الله؟ لقد مرت العشر الأول من هذا الشهر المبارك كلمح البصر؛ بل مرّ شطره وانتصف وأصبحنا في العشر الأواخر، وكثير من المسلمين في غفلة معرضون وفي غمرة ساهون ألا نعتبر بمن كان معنا في رمضان الماضي، ولكن حال الموت بينهم وبين إدراك رمضان هذا العام؛ بل وافاهم رمضان وهم تحت الثرى، وسرى فيهم البلى؟ ونحن لا ندري هل نتم هذا الشهر أو يحول بيننا وبين إكماله هادم اللذات ومفرق الجماعات؟ فالله المستعان.
وتابع: "كنا بالأمس القريب نتمنى حلوله ونتشوق لاستقباله وقريباً سينقضي كما انقضى غيره وتلك سنة الله -سبحانه- فهل من وقفة يا عباد الله لمحاسبة النفوس وفتح صفحة جديدة من الأعمال الصالحة؟ لاسيما ونحن نعيش هذه العشر الأواخر من رمضان، فهل من متعرض لنفحات المولى -جل وعلا- لعله يكسب هذا الفضل العظيم؟".
وأختتم قائلاً: "نحن في الأيام العشرة الأواخر من رمضان التي تُرجى فيها ليلة القدر فهل من مشمر لعبادة الله ومتعرض لعفو الله؟ أما آن للقلوب الغافلة والنفوس الشاردة أن تقبل على الله قبل فوات الفرص وانقضاء الأعمار؟ كلنا ولا شك ينشد رفعة الدرجات وتكفير السيئات والفوز بالجنات، إذن: فهذه مواسم المتاجرة مع رب الأرض والسموات فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر".