مثّل ترحيب المملكة بتنفيذ الأمم المتحدة خطتها التشغيلية لتفريغ حمولة الخزان العائم "صافر"؛ كاستجابة سريعة للنداءات المتكرّرة لتجنيب الاقتصاد العالمي والحركة التجارية والبيئة البحرية كوارث تمتد تبعاتها إلى ٢٥ عاماً وفقدان مخزون هائل من الثروة السمكية.
وبالعودة للوراء قليلاً بذلت المملكة جهوداً كبيرة لمواجهة الأخطار المحتملة، ونادت بضرورة التحرُّك وزيادة الوعي بحجم الكارثة وهذا ما ذكره وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، في مؤتمر المانحين، كذلك رفعت وزارة البيئة والمياه والزراعة مستوى التنسيق الاستباقي على مدار السنوات الماضية، وفتحت قنوات التواصل مع التحالف وجهات العلاقة لمراقبة حالة الخزان عبر الأقمار الاصطناعية والمتابعة الجوية اليومية خشية حدوث تسرُّب نفطي محتمل يقضي على الشعاب المرجانية، وبلا شك سيمتد الخطر إلى الحياة البحرية بشكلٍ عام في مياه البحر الأحمر.
سيدفع المجتمع الساحلي ثمناً مضاعفاً لو تطورت حالة الخزان العائم للأسوأ، ويفقد العاملون في المهن البحرية وظائفهم، خاصة الصيادين، فهذه الناقلة الضخمة تُشكّل تهديداً واقعياً وقنبلة موقوتة في عرض البحر، خطرها يستهدف سلامة الملاحة الدولية ويعرقل دخول المساعدات والإمدادات إلى اليمن عبر ميناءي الحديدة والصليف.
كما عزّزت خططها الرامية لاتخاذ تدابير وقائية للتعامل مع الآثار الناجمة عن أي حادث تسرُّب أو حريق، من خلال تنفيذ المركز الوطني للرقابة والالتزام البيئي، تجارب علمية وتدريبات فرضية كانت بمنزلة خطة تعامل سريع عبر افتراض أبشع السيناريوهات بما يمتلكه المركز من رؤية وخبرة.
تحركات المملكة لمواجهة أخطار هذا الخزان المهجور منذ ٢٠١٥ كانت إيجابية وعلى أكثر من مسار، فنجحت مساعيها والأطراف الدولية لدفع جماعة الحوثي إلى التوقيع على اتفاقية مع الأمم المتحدة لإجراء صيانة وتقييم شامل للخزان العائم، كما ترجمت جهودها للحد من نتائج هذه الكارثة بتقديم مبلغ ٨ ملايين دولار سبقها دعمٌ قدره ١٠ ملايين دولار، في تحرُّك إنساني يعكس رؤيتها والتزامها للحفاظ على حياة الإنسان والبيئة، فنجحت جهود الدول المانحة، ومن ضمنها المملكة، في شراء الأمم المتحدة سفينة (نوتيكا) لتفريغ الحمولة كإجراءٍ مؤقت.