تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مباشر وغير مباشر على حياة وثقافة المجتمعات في الوقت الحالي، ولا يمكن إنكار مشاهير التواصل الاجتماعي الذين أصبحوا يحظون بقواعد جماهيرية كبيرة، واعتبارهم فئة "مؤثرة" أكثر من كونهم "مشاهير".
وحول ذلك الموضوع وأثره، قال الدكتور والمستشار التربوي والأسري أحمد الشيمي لـ"سبق": "من الظواهر اللافتة للنظر هذه الأيام، والتي لا تخطئها عين الناظر؛ هوس الشباب بالمؤثرين والمشهورين الذين يعلنون عن منتجات معينة، ويروّجون لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً موقع "إنستقرام".
وتابع: "هناك إحصائية تؤكد أن هؤلاء المشاهير ساهموا في تسويق 3.7 مليون إعلان عام ٢٠١٨، بزيادة تصل إلى ٤٣٪ عن حجم التسويق في العام الأسبق، وهذا الحجم المهول مرشح لأن يصل إلى 6.8 مليون إعلان عام ٢٠٢٨".
وعن أضرار تلك الظاهرة على المجتمع بين الدكتور "الشيمي" أنه "في الحقيقة تتعدد أضرار انتشار هذه الظاهرة على المجتمع، حيث يعرض هؤلاء المشاهير لسلع معينة عبر وسائلهم، لكنهم لا يضمنون جودتها، وعندما يحدث خلل أثناء استخدام السلعة ويؤدي ذلك لأضرار بالغة بالمستهلك الذي غمى عينيه ومشى طواعية وراء هؤلاء المسوقين، هنا يتملص فوراً العارض أو المشهور من المسؤولية على اعتبار أنه مجرد عارض فقط للسلعة".
وأضاف: "نؤكد هنا أن التسويق بهذه الصورة يعتبر سلاحاً ذا حدين بالنسبة لأصحاب السلع ورواد الأعمال، حيث رغم مكاسبهم المهولة في حال نجح التسويق، إلا أنه وعندما يحدث خطأ من المؤثر أو العارض، حتى ولو كان بسيطاً وغير مقصود، إلا أن ذلك قد يؤثر على سمعة الشركة والسلع التي تنتجها عامة، ولن ننسى أبداً أن لاعباً معروفاً عندما تسرّب له مقطع مسيء، أدى ذلك إلى إلغاء جميع الصفقات التسويقية التي كان يقوم بها، وأضر بالشركات التي كان يتعامل معها بشدة".
وبيّن الدكتور "الشيمي" أن "تقاضي هؤلاء المشاهير لمبالغ طائلة ربما تصل في بعض الحالات لملايين الدولارات تعكس حالة من الهوس لدى الشباب بتقليد ذلك مهما كانت سلبياته؛ مما يؤدي إلى ضياع القدوة شيئا فشيئا لدى الشباب، ويصبح هؤلاء المشاهير هم قدواتهم، ويختفي أو يتوارى دور الطبيب والمهندس والمعلم والعالم والفنان الحقيقي الذين يقومون بأدوار مهمة في ترسيخ القيمة الأصيلة والمبادئ السامية، وغرس حب الوطن والانتماء إليه في قلوب الشباب".
وأشار إلى أن "الكذب والخداع الذي يصاحب تلك الظاهرة من أهم العوامل المؤثرة على الشباب وانفلاتهم وانغماسهم في هذا الهوس بتقليد هؤلاء، رغم كذبهم في الأغلب، ففي مسح شمل سبعة آلاف مؤثر، أثبتت النتائج أن أربعة من كل سبعة مواقع لمؤثرين كانت كاذبة وخادعة".
وحول دور المجتمع في التخفيف من هذا التأثير بين الباحث أنه "أولاً يجب أن يتصدى مشاهير الثقافة والإعلام والرياضة والدين لهذه الظاهرة، وشرح أضرارها البالغة على الشباب والمجتمع، ونشر ذلك على منصاتهم الاجتماعية بأساليب شيقة وجذابة تناسب عقول أبناء عصرنا الحالي، وتدريس هذه الظاهرة وسلبياتها في مناهجنا التعليمية عبر موضوعات القراءة المتحررة؛ مما يؤدي إلى نشوء جيل لا يثق كثيرا في هؤلاء المسوقين، ويقلل من ضرر هذه الظاهرة على شباب المجتمع، وتصدير القدوات الحقيقيين في وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، فيتأثر بهم الشباب والأبناء عموما، وهذا يقلل ويخفف من تأثير هذه الهوس نوعا ما".
وختم قائلاً: "لو وضعت الأمور في نصابها الصحيح، فإن عالم المؤثرين يعتبر ضئيلاً للغاية، بالمقارنة مع جمهور الإنترنت الدولي الذي أثبتت العديد من الأبحاث أن نسبة من يثقون في المؤثرين لا تتعدى ٤٪ من جمهمور الإنترنت، ويزيد عدد من يثق في الحكومات (١٢٪) عن عدد هؤلاء الذين يثقون في المؤثرين".