في بادرة تعدُّ الأولى من نوعها في المملكة، احتفلت قبيلة بللحمر، إحدى القبائل السعودية التي تسكن في منطقة عسير شمال مدينة أبها، بزواج المقيم المصري المهندس عرفة بن محمد عرفة، الذي ولد وترعرع وتلقّى علومه إلى جانب والده، الذي يعمل بأحد المتاجر بمركز بللحمر منذ 40 عامًا.
ولم تكن هذه الفترة الزمنية المديدة عابرةً لدى المقيم المصري "أبو عرفة"، بل كان حاضرًا مع القبيلة التي نشأ بينها، فشارك في أفراحهم، وساهم في مشروعاتهم الخيرية، وزار مريضهم، وواسى مصابهم؛ حتى اعتبره الجميع مواطنًا بينهم.
وما أن أعلن "أبو عرفة" عزمَه على زفاف ابنه المهندس عرفة على ابنة عمه، حتى سارع صاحبه وكفيله الذي عدّه صديقًا له خلال تلك العقود، الشيخ محمد بن عوضة بن حمدان، وأبناؤه؛ إلى تقديم ضيافتهم الخاصة مكانًا لإقامة هذا الفرح، ودعوة القبائل المجاورة للاحتفال بالعريس على الطريقة المتعارف عليها بينهم، ولم يكتفوا بذلك، بل قدّموا معوناتهم النقدية والعينية المتعارف عليها بين القبائل؛ عونًا للعريس، ووقفوا صفًّا واحدًا إلى جانب فارس تلك الليلة، واعتبروه واحدًا من أبنائهم لاستقبال المدعوين والترحيب بضيوفه من مختلف القبائل والجنسيات، الذين شاركوه فرحته، وتقديم العود الأزرق والطيب والمشروبات الساخنة لهم.
لم تقف القصة عند هذا الحدّ، بل تهافتت القبائل المجاورة إلى مقرّ إقامة الاحتفال مقبلين بالأهازيج والألوان الشعبية المعروفة: "العرضة"، و"المدقال"، عند تلقّيها الدعوة للمشاركة في هذا الحفل البهيج، مردّدين القصائد الشعرية التي تؤكد على اللحمة بين الشعبين السعودي والمصري.
وأكّد المشاركون خلال مشاركتهم بهذه المناسبة، أن هذا الاحتفال يعكس العادات الحميدة التي يتمتَّع بها الشعب السعودي الأصيل، وحسن وفادته للضيف من داخل المملكة ومختلف شعوب العالم، وتعزيزًا لقيم الأخوة العربية التي أرسى ركائزَها مؤسسُ هذه البلاد الملك عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، وأبناؤه من بعده.
وبيّنوا أن هذا الاحتفال يأتي وفاءً من أسرة آل حمدان، ومن جميع القبائل المشاركة عامة، لهذا المقيم الذي أمضى ريعان شبابه في العمل بجدّ وإخلاص وصدق وحسن تعامل مع الجميع، حتى أصبح زواج ابنه مماثلًا لزواج أي فرد من أبناء القبيلة، بالعادات والتقاليد والمشاركات المالية والعينية، بل سارع الكثير من المجتمع المحلي للحضور ومضاعفة قيمة المشاركة المالية المتعارف عليها للمتزوّجين.
وعبّر العريس ووالده عن خالص شكرهما وتقديرهما لكل من حضر وشارك وساهم في ذلك المساء، مثمّنين دعمَ واهتمام أخيهم وصديقهم الشيخ محمد بن حمدان، وأبنائه كافة، الذين كانوا عونًا لهما بعد الله في نجاح الاحتفال وإتمامه، وسط قريتهم وفي ضيافتهم الخاصة.
وأضاف والد العريس: "عاشرنا الأجدادَ فما وجدنا إلا حفاوةً وتكريمًا، وعاشرنا الآباء فامتدّ الوفاء، ونحن اليوم بينكم نشعر بالحب والتقدير والبذل بالجهد والمال".