عقدت جامعة الفيصل بالرياض، أمس الجمعة، مؤتمر "أبحاث الجينوم السرطاني البشري"، وسط حضور حاشد من العلماء المتخصصين في علم الجينوم.
وأكد المشاركون أن المملكة من أهم عشر دول في العالم بعلم الجينوم البشري؛ حيث نظمت أضخم مشروع متخصص في الجينات الوراثية، أو ما يسمى بالجينوم السعودي.
وشددوا على ضرورة وجود قاعدة بيانات جينية وطنية من أرجاء المملكة والمراكز والمستشفيات، حتى يتم اكتشاف الخلل الجيني، ومن ثم اكتشاف العلاجات المناسبة.
وفي الوقت ذاته أشاروا إلى أن نسبة اكتشاف الخلل الجيني للأمراض ذات الخلل الجيني الواحد من 30 إلى 50%، بينما في السرطانات والأورام من 5 إلى 10 %.
وأكدوا أهمية وجود ميزانيات تدعم الأبحاث الجينية، لافتين إلى ضرورة التعاون بين المراكز البحثية والمستشفيات والجامعات في المملكة ونظيراتها في دول العالم وجامعاتها مثل أكسفورد وهارفارد.
وأكد نائب رئيس جامعة الفيصل للشؤون الإدارية والمالية وعميد كلية الطب د. خالد بن مناع القطان: أن المؤتمر طرح أحدث التطورات في إدارة الجينات السرطانية الصعبة، ووصف فوائد الذكاء الاصطناعي في أبحاث جينوم السرطان.
إضافة إلى مناقشة تطبيق التسلسل الجيني في تشخيص السرطان، ووصف آثار العلاج الإشعاعي لسرطان الرأس والرقبة على الأنسجة السليمة.
وخلال مشاركته في المؤتمر، أشار استشاري وراثة وعالم أبحاث مشارك بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة الدكتور يوسف محمد هوساوي، الأستاذ المشارك بجامعة الفيصل، إلى أن علم الجينوم يساهم في اكتشاف الأمراض والتنبؤ بحدوثها قبل الإصابة بها.
كما يدخل في فحوصات الأجنة قبل الولادة، أو العلوم الجنائية الوراثية، وتطوير الأدوية.
وتابع "هوساوي": بدأت المملكة تطبيق مفهوم الطب التشخيصي أو الطب الدقيق"، مشددًا على أهمية الجينوم ودوره في علاج الأمراض الوراثية أو السرطانية.
وأوضح أن الأمراض الوراثية تكلف المريض الواحد سنويًا أكثر من نصف مليون ريال، مما يحمل المرضى والدولة أعباء كبيرة.
وواصل: "المملكة من أهم عشر دول في العالم بعلم الجينوم؛ حيث نفذت أضخم مشروع متخصص في الجينات الوراثية، أو ما يسمى بالجينوم السعودي.
واستطاعت فك 63 ألف شفرة وراثية بشرية بالمملكة، فكانت سبّاقة بتوطين تقنية الجينوم، بمساعدة 140 باحثًا سعوديًا في 8 مختبرات طرفية في أنحاء المملكة، ومن ثم نقلها إلى الفئات الشابة".
من جهته، قال بروفيسور بجامعة الفيصل والرئيس المؤسس للجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية د. أحمد الجديع، في ورقة عمل بالمؤتمر: إن مستقبل العلاج الجيني في المملكة والعالم بدأ في اعتماد العلاجات الجينية، التي تغطي أمراض الدم والسرطان والأمراض المناعية، كذلك أمراض الدم وغيرها.
وتحدث عن التحديات التي تواجه استخدام هذه العلاجات، وأهمها ضرورة وجود ميزانيات تدعم هذا الاستخدام، إضافة إلى تقييم هذه العلاجات؛ لأنها ليست ذات قيمة واحدة من ناحية الفعالية والكفاءة على المرضى؛ لذلك فإن تطبيق مفاهيم تقييم التكنولوجيا الصحية مهم لهذه العلاجات والعمل على برامج القيمة المحققة.
وأوضح "الجديع" أن العلاجات الجينية والعلاجات الخلوية، ومستقبلها في المملكة، تعد من أهم مبادرات استراتيجية التقنية الحيوية الوطنية، التي أعلن عنها سمو ولي العهد؛ لتقليل الاعتماد على الدول الخارجية واستيراد تلك الأدوية والتقنيات، ورفع مستوى الاكتفاء الذاتي منها؛ لتحقيق الأمنين الدوائي والصحي في المملكة، بالإضافة إلى زيادة الناتج المحلي من القطاع غير النفطي.
من ناحيتها، تحدثت أستاذ مساعد بجامعة الفيصل د. ريما عبدالله السليم، في المؤتمر عن تأثير الأشعة في علاج مرضى السرطان والرأس على خلايا الغدد اللعابية السليمة.
وبينت أن هذه المشكلة من المشاكل الكبيرة التي يقابلها مرضى السرطان؛ حيث تصاب الخلايا السليمة نتيجة العلاجات الكيماوية والإشعاعية.
وشددت على أهمية هذا النوع من الأبحاث في مثل هذه المؤتمرات المتخصصة؛ لمزيد من التوعية، وبحث أوجه التعاون مع الجهات ذات الصلة، حتى يكون للمملكة السبق في هذا التخصص عالميًا، مؤكدة على أهمية استخدام الخلايا الجذعية، لإعادة عمل الخلايا المتضررة من الأشعة على وجه الخصوص.
إلى ذلك، تحدث رئيس قسم الأمراض الوراثية بالحرس الوطني نائب المدير التنفيذي لمركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية البروفيسور ماجد عبدالله الفضل، عن الأمراض النادرة والأمراض ذات الخلل الجيني الواحد.
وقال: إن الأورام والسرطانات لا تنتج عن خلل جيني فقط، بل هناك عوامل أخرى تسبب هذه الأمراض كالعوامل البيئية وغيرها.
وأوصى البروفيسور "الفضل" بضرورة التعاون بين المراكز البحثية والمستشفيات والجامعات، وبناء جسور تواصل بين المراكز البحثية في المملكة ونظيراتها في دول العالم وجامعته مثل أكسفورد وهارفارد.
وشدد على ضرورة الحصول على قاعدة بيانات وطنية جينية، لأنها غير موجودة بشكل كاف؛ حيث إن وجود قاعدة البيانات الجينية الوطنية من أرجاء المملكة والمراكز والمستشفيات، تؤدي إلى اكتشاف التغيرات الجينية الطبيعية للسعوديين والتغيرات المرضية الجينية، ومن ثم يتم اكتشاف العلاجات المناسبة.
وكشف د. "الفضل"، أن نسبة اكتشاف الخلل الجيني للأمراض ذات الخلل الجيني الواحد من 30 إلى 50%، في حين السرطانات والأورام من 5 إلى 10%.
وفي نفس السياق، أوضح استشاري جراحة زراعة الكبد والقنوات المرارية والبنكرياس المهتم في مجال التقنية الحيوية د. عبدالإله الهوساوي، في محاضرة، بعنوان: "علم الأورام السرطانية الدقيق".
وأوضح أن أنواع علاجات الأورام السرطانية الثلاثة: (الجراحة والعلاجين الكيماوي والإشعاعي)، تُعد "غير دقيقة"؛ حيث ينتج عنها أعراض جانبية كثيرة، كونها تؤثر على الخلايا السرطانية، والخلايا الطبيعية غير المصابة.
وأكد "الهوساوي" على أن علم الأورام السرطانية الدقيق سيحدث ثورة في علاج السرطان؛ حيث يعتمد على عمل فحص جيني وراثي للخلايا السرطانية ومعرفة أنواعها بشكل دقيق، ثم تجهيز علاجات وأدوية تستهدف مستقبِلات محددة على هذه الخلايا السرطانية، مما يزيد في فعالية العلاج والحد والتقليل من الأعراض الجانبية.
وفي لمسة إنسانية للمؤتمر، كرم د. خالد القطان، استشاري المسالك البولية وجراحة الحوض الترميمية د. أحمد البدر، الذي أصيب بسرطان الرئة، ومن خلال العلاج الموجّه للجينات تحسنت حالته.
وقال "البدر": إنه تلقى العلاج في المملكة، ثم ذهب إلى بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية للتأكد من سلامة العلاج، حيث ثبت أنه تلقى العلاج بشكل سليم، ومن ثم عاد إلى المملكة لمتابعة العلاج في مستشفى التخصصي بالرياض.
وأضاف، أن عملية العلاج في المملكة بدأت بأخذ عينة من الأنسجة، وإجراء العديد من التحاليل، التي أثبتت وجود جين متغير اسمه (أُلْكْ)، واكتشف الأطباء أن العلاج الدوائي سيكون الأفضل من العلاج الكيماوي في هذه الحالة، مؤكدًا على أن العلاج الجديد متوفر حاليًا في المملكة.