هكذا هم الموتورون الذين اعتادوا على البذاءة وسوء الأخلاق؛ فلن ينصلح لسان مَن تعوّد على فحش القول، واتهم الآخرين بما ليس فيهم. هم القوم الذين إن أحسنت إليهم أساؤوا إليك، وإن أعطيتهم أهانوك. لم تتغير صفاتهم القبيحة، ولا عاداتهم السيئة، لكن من اعتاد ونشأ على شيء مات عليه. لقد خانوا عروبتهم في الوقت الذي امتدت فيه يد العطاء لهم، ووقفت لمساندتهم في قضيتهم التي تعتبر قضية كل العرب.
لقد شاهد العالم بأسره التظاهرة الكبيرة التي نظَّمتها بعض الحركات الفلسطينية "الفارسية" في غزة، التي لم تكن ضد الاستعمار الإسرائيلي، وإنما كانت ضد مَن ساندهم في قضيتهم منذ نشأتها، ومَن بذل الغالي من الجهد والمال لنصرتها، ومَن وقف في جميع المحافل الدولية ضد الاعتداءات الصهيونية في كل جزء من أراضيها.
لقد بذلت المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- جهودًا كبيرة لنصرة القضية الفلسطينية، ثم توالت تلك الجهود من أبنائه من بعده حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-؛ ويثبت ذلك ما جاء في تصريحات قياداتهم التي تعترف دائمًا بوقوف السعودية إلى جانب الفلسطينيين، ومنها التصريح الشهير للرئيس عباس عندما طرح الرئيس الأمريكي الأسبق خطة سلام؛ إذ قال عرفات: "اتصل بي صاحب الجلالة الملك سلمان بكلمتين، قال لي حنا معكم من عهد عبدالعزيز واللي بدكم إياه نحن معكم فيه. يعطيك العافية مع السلامة". وقد بلغ حجم المساعدات السعودية لفلسطين في 22 عامًا أكثر من 7.7 مليار ريال، إلى جانب تقديم المساعدات الطبية بمليارات الدولارات، إلى جانب تقديم العديد من المساعدات الطبية لمواجهة كورونا. والسعودية هي التي اقترحت إنشاء صندوقَي الأقصى والانتفاضة في القمة العربية التي عُقدت في القاهرة عام 2000م. وهذا جزءٌ من الحجم الحقيقي للمساعدات التي لا يتسع المجال لحصرها، ولأن القيادة في السعودية لم تتعود أن تمنَّ بشيء أنفقته على أشقائها في العالم العربي والإسلامي، بل إن حجم المساعدات تعدى ذلك لكثير من دول العالم، خاصة في ظهور جائحة كورونا، وفي الكوارث بشكل عام.
هكذا هي بعض الحركات السياسية الفلسطينية. والتاريخ يثبت أعمالها؛ وخير دليل وقوفهم إلى جانب صدام حسين حين احتل الكويت، ورفعهم الإعلام ابتهاجًا بذلك الحدث، وها هي تتكرر الآن في رفع صور العميل الفارسي (الحوثي) فرحة بما قام به من قصف للمدنيين في السعودية والإمارات بالصواريخ الباليستية والطائرات المُسيَّرة، ولكنهم كمن أراد الانتحار؛ فوضع السم في طعامه؛ فمات مما صنعته يده. وسيبقون منبوذين من كل عربي حُر، ولن تقدم لهم إيران إلا الشعارات التي انطلت على بعض دول المنطقة؛ فأصبحت مستعمرات فارسية.