حظي قرار عودة صلاة الجمعة والجماعة في المساجد والجوامع بارتياح كبير وسط المواطنين، وذلك عقب الموافقة من خادم الحرمين الشريفين على عودة الحياة إلى طبيعتها، واستئناف الأنشطة الاقتصادية والتجارية تدريجيًّا بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية المتعلقة بفيروس كورونا، بفرحة كبيرة.
"سبق" رصدت الصدى الكبير والفرحة العارمة التي عمّت مجتمع المؤذنين الذين كانوا يرفعون الأذان في بيوت الله طوال فترة الحجر، ويرددون بنبرات مؤثرة: "صلوا في بيوتكم"، "ألا صلوا في رحالكم"، وهي نبرات فيها شيء من الحنين للعودة لصلاة الجمعة والجماعة.
لقد ذرف عددٌ من المؤذنين الدموع مرتين، الأولى عند إيقاف صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد -باستثناء الحرمين الشريفين - بدءًا من22 / 7 / 1441، الموافق 17 مارس 2020، مع الاكتفاء برفع الأذان؛ إذ دخلوا في حالة من البكاء الشديد عند رفعهم الأذان، خاصة عند ترديد "صلوا في بيوتكم"، كما ذرفوا الدموع للمرة الثانية عند القرار القاضي بعودة صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد ابتداء من 8 شوال الجاري؛ إذ كان يُسمع أنين بكائهم من خلال رفعهم الأذان.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي لقطات مصورة، ومقاطع صوتية، تُظهر بكاء المؤذنين خلال رفعهم الأذان في عدد من مساجد السعودية المختلفة في منظر مؤثر، كان محل تعليق كل من شاهدها داخل وخارج السعودية نتيجة للارتباط الروحي الوثيق بين المؤذن والمسجد.
لم يكن بكاء المؤذنين اعتراضًا على قرار إيقاف صلاة الجمعة والجماعة؛ لأنه يسوغ شرعًا انطلاقًا من حفظ النفس لقوله تعالى: {ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة} (البقرة: 195)، وقوله سبحانه: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا} (النساء: 29)، بجانب الأحاديث النبوية الشريفة التي دلت على وجوب الاحتراز عند انتشار الوباء كقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "لا يورد ممرض على مصح"، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فر من المجذوم كما تفر من الأسد".
وفي الإطار ذاته، قال إمام مسجد مزنة السبيعي بحي الدار البيضاء عبدالعزيز بن فهد العريكان في تصريح إلى "سبق": مثلما كان قرار إيقاف صلاة الجمعة والجماعة صائبًا استنادًا لمبدأ القاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار)، والضرر يدفع قدر الإمكان، كان أيضًا قرار عودة الصلوات بالمساجد قرارًا صائبًا نسبة لعودة الحياة تدريجيًّا لطبيعتها، التي تتطلب عودة صلوات الجماعة بالمساجد، وإعمارها بالصلوات الخمس.
وعن الفترة التي أوقفت فيها الصلوات بالمساجد، التي امتدت لأكثر من شهرين بقليل، أكد "العريكان" أن المؤذنين كافة في مختلف مناطق السعودية تأثروا تأثرًا كبيرًا بفراق صلاة الجماعة في المساجد؛ لأن بيوت الله تعمر بالصلوات والدعاء. مبينًا أن كثيرًا منهم كانوا يذرفون الدموع لصعوبة الموقف الذي يحدث لأول مرة بالسعودية. مشيرًا إلى أن قيادة البلاد أدارت هذه الأزمة بحكمة ومسؤولية؛ ما أدى لتقليل انتشار فيروس كورونا. كما أكد أن المساجد كافة التزمت بتطبيق قرار إيقاف الصلوات، وستلتزم أيضًا بقرار عودة الصلوات.