في قلب قرية الكتيب بمحافظة تيماء، يعيش عيسى الهيلم العنزي؛ الذي حوَّل منزله إلى متحفٍ مفتوحٍ يضم بين جدرانه كنوزاً من التراث الأصيل، بعضها يعود إلى أكثر من 100 عام.
وبيده التي تحمل عشقاً عميقاً للماضي، جمع "العنزي"؛ مقتنيات متنوّعة تعكس حياة الأجداد، منها الرحى التي استُخدمت في طحن الحبوب والتي جمعها من مناطق مختلفة، حيث تختلف ألوانها وفقاً لتضاريس الأرض، إضافة إلى الهودج الذي كان يُزيّن به الإبل قديماً خلال السفر والرحلات. كما يحتفظ بمجموعة من الأقداح النحاسية وأدوات الزينة التي كان أهل البادية يعتنون بها لتجميل إبلهم في المناسبات.
ويقول "العنزي"؛ في حديثه لـ «سبق»، إن بعض هذه القطع يحمل وقعاً خاصاً في نفسه، لأنها كانت جزءاً من حياة والده الذي عاش ما يقارب 110 أعوام، وكانت شاهدةً على أيامه، مضيفاً أنه احتفظ بأدوات والده، لأنها تحمل عبق ذكرياته ودفء حضوره الذي لا يزال يملأ المكان، فعندما ينظر إليها يشعر أنه أعاد إحياء جزءٍ من حياته التي ألهمته حب التراث والتمسُّك بالجذور.
ولم يتوقف اهتمام "العنزي"؛ عند التراث فقط؛ بل امتد إلى الزراعة، حيث يُحيط مجلسه الصيفي بأشجار الرمان والليمون التي زرعها بيديه، محوّلاً المكان إلى لوحة طبيعية تضج بالحياة، ولإضفاء لمسةٍ مُميزة على مجلسه، قام بتركيب أجهزة رذاذ مياه؛ ما جعل المكان وجهةً مثاليةً للزوّار الباحثين عن جمال الطبيعة وهدوئها.
ويضيف "العنزي": اهتمامي بهذا التراث نابعٌ من شغفٍ عميقٍ لإبقاء هذا الإرث حياً، حتى تتعرَّف عليه الأجيال المقبلة؛ فكل قطعة هنا تحمل ذكرى وقصة، وأجد سعادتي في مشاركتها مع عشاق التراث، مشيراً إلى أن مقتنياته تجذب كثيراً من الزوّار من داخل القرية وخارجها، حيث يرون في منزله نموذجاً أصيلاً لتاريخ البادية.