قالت مستشارة التخطيط الإستراتيجي والتنمية الاقتصادية عضو اللجنة الوطنية للمكاتب الاستشارية الدكتورة نوف الغامدي، حول موافقة مجلس الشورى على مشروع نظام التجارة الإلكترونية: انه يهدف إلى تعزيز الثقة في صحة معاملات التجارة الإلكترونية وسلامتها، وتوفير الحماية اللازمة للمستهلك من الغش أو الخداع أو التضليل، أيضًا إلى دعم وتطوير التجارة الإلكترونية؛ فمشروع النظام تضمن تحديد نطاق تطبيقه، ومعالجة الخطأ الإلكتروني، وحماية البيانات الشخصية، وبيان التزامات ممارس التجارة الإلكترونية.
كما تناول مشروع النظام جوانب الإعلان الإلكتروني، وأحكام الضمان وفسخ العقد ورد المبيع.
وأضافت: لقد كان إطلاق مشروع نظام التجارة الإلكترونية مكملاً لخطط تحفيز القطاع الخاص وخطط التنمية والإصلاح الاقتصادي؛ فلقد أطلقت المملكة خطتها لتحفيز القطاع الخاص، والذي خُصصت له 200 مليار حتى عام 2030؛ 72 مليارًا و120 مليونًا لدعم القطاع الخاص من خلال 17 مبادرة للمرحلة الأولى بداية من العام 2018 وحتى عام 2020، فالخطة تتعدى كونها خطة لتحفيز القطاع الخاص إلى تحفيز بيئة الأعمال وعواملها جزئياً وكلياً، وتعمل على تكامل الأدوار بين الوزارات والهيئات المعنية لتشكل خطة متكاملة، والأهم التنفيذ ثم التنفيذ ثم التنفيذ والرقابة والتقويم".
وتابعت الغامدي: ننتظر في الأيام القادمة الخطط التنفيذية لتوضيح كل مبادرة والمستفيدين منها بشكل أكبر؛ لذا لا بد على القطاع الخاص من المضي قدماً في شراكته مع الدولة من خلال العمل على مواكبة مرحلة التحول والتفاعل مع الدعم الحكومي الذي يعمل على خلق بيئة اقتصادية تتمتع بكثير من الإبداع والابتكار ومحاكاة المستقبل؛ لذا لا بد من تغيير استراتيجياتها لتواكب صناعة التنمية، وقد تفرض مرحلة التحول أن يكون القطاع الخاص أكثر حكمة في ترشيد سياساته بما يضمن رفع كفاءته الإنتاجية وتخفيض تكاليفه، وبالتالي عليه أن يتخذ استراتيجيات توسعية بنمط مختلف.
وأكملت: أقصد هنا التوسع في تواجده والوصول إلى العملاء من خلال الاهتمام بالبنية التحتية الرقمية وبنائها للتوسع إلكترونياً من خلال التحول إلى الاقتصاد الإلكتروني واستغلال المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل؛ فدائماً ما أذكر أنه حتى أصغر المؤسسات تصبح كبيرة على الفضاء الإلكتروني؛ فلقد تغير مفهوم التجارة التقليدية وأصبح مفهوماً مختلطاً بين التجارة الإلكترونية الكاملة؛ كالشركات التي نجحت في خلق اقتصاد قوي إلكترونياً أو اقتصاد إلكتروني جزئي بين التواجد على أرض الواقع والتواجد الافتراضي، ومن هنا أتت أهمية مشروع نظام التجارة الإلكترونية.
وزادت: على الرغم من نمو التجارة الإلكترونية في المملكة، إلا أن الفرص المتاحة في هذا القطاع لا تزال كثيرة، فقد أخذت التجارة الإلكترونية تكتسب انتشارًا متسارعًا؛ حيث ارتفعت معدلات التجارة الإلكترونية بمعدل متوسط تجاوز 30% سنويًّا. وتعتبر الملابس والإلكترونيات والأجهزة والسياحة والسفر قوة الدفع الأساسية لهذا النمو. وفي المملكة تمثل المبيعات الرقمية فرصة كبيرة كعامل مسرع رئيس لتطوير قطاع التجزئة بسبب انخفاض متطلبات نفقات رأس المال والنفقات التشغيلية مقارنة بالمتاجر التقليدية. فضلًا عن ذلك توفر التجارة الإلكترونية فرصة الوصول الأسرع إلى السوق، مع إمكانية تحقيق تأثير كبير ضمن إطار زمني قصير. وفي واقع الأمر سيسهم تطوير قطاع التجارة الإلكترونية في المملكة في تحقيق فوائد متعددة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء.
وأوضحت الغامدي أن هناك إمكانات كبيرة وواعدة لتطوير التجارة الإلكترونية في السعودية، ويعتبر معدل الانتشار الحالي محدودًا؛ إذ يبلغ 0.8 %، إلا أن العامل الرئيس لفتح المجال لهذه الإمكانات يكمن في توفير ظروف عمل تعزز تطور لاعبي التجارة الإلكترونية محليًّا في المملكة، وتعتبر المهارات والتكنولوجيات المطلوبة للتجارة الإلكترونية مناسبة بشكل متساوٍ لدعم تطوير قطاعات رقمية أخرى، في حين أنه يمكن الاستفادة من خدمات توصيل التجارة الإلكترونية لدعم مكانة السعودية كمركز لوجستي إقليمي، وهي أولوية رئيسة في "رؤية السعودية 2030".
وأردفت: على الرغم من نموها السريع، لا تزال سوق التجارة الإلكترونية في المملكة حديثة العهد؛ ففي العام الماضي سجّلت المبيعات الإلكترونية نحو 0.8 % من إجمالي مبيعات التجزئة؛ وهو رقم أقل بكثير من أسواق التجارة الإلكترونية الرائدة وغيرها من الأسواق الإقليمية ذات الصلة؛ مثل الإمارات التي تسجل فيها أسواق التجارة الإلكترونية 1.5%، وإضافة إلى ذلك لم تحصل الشركات السعودية على حصتها في السوق بعد؛ حيث إن الشركات العالمية تستحوذ على النسبة الأكبر من السوق.
وأشارت الغامدي إلى أن التجارة الإلكترونية صناعة ناشئة بالمملكة، وتأتي بالتوافق مع الرؤية المستقبلية 2030، شكّلت التجارة الإلكترونية ثلثي إجمالي إنفاق التجارة الإلكترونية في المملكة؛ حيث استحوذت الخدمات المرتبطة بالسفر على الحصة الأكبر من فئة الخدمات، كما أن سوق التجارة الإلكترونية السعودية تمر بطفرة نمو كبيرة، ولا بد أن نؤكد أن تطوير قطاع التجارة الإلكترونية السعودي يتوقف على تنفيذ عدد من المبادرات والاستراتيجيات التي ستسهم في تنوع الاقتصاد، ودعم إجمالي الناتج المحلي "GDP"، وإيجاد فرص عمل، وجذب استثمارات، وكذلك دعم ريادة الأعمال والابتكار، إضافة إلى تقوية الصناعة المحلية، كما أن تحقيق الاستفادة القصوى من منظومة التجارة الإلكترونية الناشئة في السعودية مرتبط بدعم وعي المستهلكين، وثقتهم بالتجارة الإلكترونية، ومنظومة الخدمات اللوجيستية والمدفوعات، والبنية التحتية للاتصالات، وسجّل العام الماضي نموًّا كبيرًا في عدد أجهزة نقاط البيع لدى منافذ الدفع بنسبة 62% مقارنة بالعام الذي قبله.
وحول الانعكاسات الكبيرة والآثار الاقتصادية على المستهلكين أجابت: منها سرعة وسهولة التسوق؛ حيث يكون لدى المستهلك نطاق أوسع للتسوق عبر شبكة الإنترنت، وعلى مدار الساعة، وفي أي يوم يريد، وأي مكان على سطح الأرض؛ فأي شخص لديه حاسب آلي متصل بالإنترنت بإمكانه أن يصبح مستهلكًا عالميًّا، كما أن انخفاض الأسعار وسرعة الحصول على المنتج من الآثار الاقتصادية في ظل تعدد وتنوع المنتجات في المواقع التجارية الإلكترونية فإن المستهلك سوف يبحث عن المنتج الأقل سعرًا والأفضل جودة، وذلك من خلال مقارنة أسعار ونوعيات المنتجات بسهولة وسرعة فائقة؛ ما يمكّن المستهلك في نهاية الأمر من اختيار أفضل العروض.
وقالت: يظهر أثر التجارة الإلكترونية أكثر وضوحًا في تجارة الخدمات بين الدول؛ ما يؤدي بدوره إلى رفع درجة الانفتاح الاقتصادي في هذا المجال؛ حيث يمثل قطاع الخدمات نسبة مهمة تقدر بنحو 60% من إجمالي الإنتاج العالمي، وبالرغم من ذلك فإن حجمه لا يتجاوز 20% من التجارة الدولية، وربما يعود ذلك إلى أن أداء كثير من الخدمات يتطلب وسيلة اتصال، وكذلك القرب الجغرافي بين المستهلكين والمنتجين. ولكن مع ظهور تقنية المعلومات الحديثة فقد هيأت التجارة الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت وسيلة الاتصال المفقودة بين المستهلك والمنتج، وبذلك ساهمت في زوال العقبات الجغرافية لكثير من الخدمات. وقد أثبتت إحدى الدراسات القياسية أن الزيادة في استخدام الإنترنت بمقدار 10% في الدول الأجنبية تؤدي إلى نمو صادرات وواردات الولايات المتحدة الأمريكية بمقدار 1.7% و1.1% على التوالي.
وختمت: من الآثار المهمة دعم التوظيف وتوطين المعرفة وخلق وظائف جديدة؛ فالتجارة الإلكترونية تقدم فرصًا جديدة للتوظيف؛ حيث تتيح إقامة مشاريع تجارية صغيرة ومتوسطة للأفراد وربطها بالأسواق العالمية بأقل التكاليف الاستثمارية، ولاسيما تجارة الخدمات التي توفر فيها التجارة الإلكترونية آلية للأفراد المتخصصين لتقديم خدماتهم على المستوى الإقليمي والعالمي دون الحاجة للانتقال؛ ما يفتح المجال لهم للانطلاق في الأعمال الحرة، ومن ناحية أخرى، توفر التجارة الإلكترونية فرصًا وظيفية في العديد من المجالات المختلفة ذات الصلة بتطبيقات التجارة الإلكترونية؛ مثل المتخصصين في إنشاء المواقع التجارية الإلكترونية، والعاملين والإداريين والفنيين في المتاجر الإلكترونية. بالإضافة إلى توفير الفرص الوظيفية في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، التي تعتمد عليها التجارة الإلكترونية، من مهندسي الشبكات والبرامج اللازمة لتطبيقات التجارة الإلكترونية وغيرها.