تواصل "سبق" نشر حلقات الهجرة النبوية الشريفة، حيث تتناول الحلقة الثانية عشرة تطهير المدينة وتخليصها من براثن الأعداء والمنافقين.
لقد كانت فتنة المنافقين من أشدّ الفتن التي تعرَّض لها المسلمون في تاريخهم الطويل ذلك لأنَّهم يُظهرون الإسلام ويُبطنون الكفر والزندقة، فينخدع النّاس بظواهرهم ولا يأخذون حذرَهم منهم، وهو ما يهيئ للمنافقين الجوّ المناسب في المكر بالمسلمين والكيد لهم وهم لا يشعرون.
يقول المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة، المهندس حسان طاهر: لقد ظهر كيد المنافقين في عهد مبكِّر مع الرسول ﷺ في المدينة، حيث عانى منهم والمسلمون الأمرَّين، وذلك ممَّا يثيرونه من الكيد والتخذيل...إلخ. ولقد جاءت آيات قرآنية عديدة في فضحهم والتحذير من شرِّهم.
وبيَّن طاهر أن موقف المنافقين قد كان شديد الخطورة على كيان الأمة الداخلي؛ فقد كانوا يخذلون الدولة في المواقف الحرجة، ولا يتعاونون تعاونًا صادقًا عند الخطر. كما حدث من عبد الله بن أُبي حين خذل جيش المدينة ورجع بالمنافقين من غزوة أحد ، وتخاذلهم في غزوة الأحزاب .لكن هذه المواقف لم تكن في خطورة الاتصال بالعدو وتمهيد الطريق له لدخول المدينة والقضاء على أهلها كما فعل اليهود.
واضاف طاهر: لقد ظل خطر المنافقين على الدولة كبيرًا ما ظل اليهود في يثرب؛ إذ إنهم كانوا على صلة دائمة بهم، بل إن اليهود هم الذين أَزْكَوا النفاق في يثرب فلما تم تطهير يثرب من اليهود ضعف أمر النفاق، وأصبح النبي ﷺ لا يخشى خطر هذه الطائفة.
وقد تغلب النبي ﷺ على المنافقين بمنتهى اليقظة والحزم، وزاوج في التغلب عليها -بين اللين والشدة حتى استقام له الأمر.
وأوضح طاهر أنه بالنسبة لليهود فقد عاشوا في عزلة عن أهل المدينة، منذ قدوم النبي ﷺ وأطلقوا سيل المؤامرات والدسائس في محاولة منهم للقضاء على الإسلام والمسلمين، وقد حاول الرسول ﷺ التفاهم معهم فجمعهم في سوقهم ونصحهم وذكرهم بمصير قريش في بدر، فردوا عليه بالعداوة، وكانت أول الجماعات اليهودية إعلانا لهذه العداوة بنو قينقاع الذين كانوا يسكنون أطراف المدينة، ولم يتوقفوا لحظة واحدة عن إحداث الشقاق وإثارة المشكلات بين صفوف المسلمين، وكانوا مصدر إيحاء وتوجيه للمنافقين، وتأييد وتشجيع للمشركين.
واختتم المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة قائلا: كان إصرار اليهود على أذية المسلمين ومخالفتهم للعهود المواثيق التي تمت مع النبي ﷺ لحظة وصوله المدينة سببا رئيسيا في إجلائهم منها ، وبذلك يكون النبي ﷺ قد طهر المدينة المنورة من جميع الضغائن والمسببات التي تقوم على زعزعة الامن والاستقرار فيها ، وأنشأ مجتمعا قويا متماسكا ساهم في وضع اللبنات الأولى لتأسيس دولة إسلامية نقية أصبحت منارا للعلم والمعرفة ومهدا لحضارة إسلامية خالدة.