
يشاهد الزائر لبيت منطقة المدينة المنورة في "جنادرية 33" الكبار والصغار، وهم يحلقون حول رجل يرتدي اللباس التقليدي لأهل الحجاز في السابق، ويمسك بيده عصا الخيزران مجسدًا دور "العمدة" في زمن كان بمثابة الحاكم الإداري.
والرجل هو "محمد أمين عبدالقادر"، الذي تلقى في طفولته عبارات الغضب والتوبيخ من العم "أبو الريش"، أشهر عُمد مكة المكرمة، وكاد أن ينال عقوبة الجلد بالسوط لولا أنه "مدني"، أي ضيف قادم من المدينة.
وفي هذا الإطار يقول العمدة الافتراضي لـ"سبق" إن من الأدوار التي يقدمها بيت المدينة المشارك في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية نقل التاريخ والتراث وحياة المجتمع المدني منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أسلوب الحياة في الأزمنة الماضية إلى زائر الجناح اليوم كي يتعرف على جزء من التاريخ الإسلامي وتاريخ المملكة .
وعن قصته مع مهنة العمدة يقول: في طفولتي ذهبت من المدينة إلى مكة، وتحديدًا إلى حي "المُدّعة" الملاصق لسوق الليل بالقرب من المسعى، حيث عمي تاجر الشنط هناك، وكان العمدة "أبو الريش" الذي يتمتع بكامل الصلاحيات لإصلاح المجتمع آنذاك، من حل المشاكل ومساعدة المحتاجين، وجلب موارد للحي من الأعيان والتجار، وأيضًا كان السكان يطلبون منه رعاية أسرهم إذا كانوا على سفر، ويعرف أحوال من هم في سن الزواج ويخطب لهم، وتعلمت منه الكثير من القيم والفضائل.
وأضاف: "العمدة زمان كان كالقاضي يأمر وينهى ويهدد المتنازعين ويؤدب الناس، ويجلسون معه في المركاز لمتابعة الأخبار، وفي ذات يوم قدمت إلى مكة وكنت ألبس "فنلة" وعلى صدري صورة اللاعبين الأرجنتيني مارادونا والبرازيلي ريفالينو، ولما شاهدني غضب من الصور التي أحملها، وقال لي: تعال يا مدني.. أنت من أهل المدينة ولابد أن تكون قدوة.. إيش المسخرة هذه".
وعن معايير اختيار العمدة في السابق، قال السكان هم من يختارونه، ولابد أن يكون قوي الشخصية ومستواه التعليمي عال، وجريء، وقادر على الكلام، أما الآن فالعمدة موظف من قبل إمارة المنطقة وعلى مرتبة وظيفية ويعمل في مركز الشرطة، وأدواره محدودة جداً.