عادت للسطح وفاة الأطفال بمستشفى الملك فهد بالباحة، ولكن هذه المرة بشكل مختلف نوعًا ما، وذلك بعد أكثر من 40 يومًا قضاها التوأم المصري في حضانة المستشفى، اللذان وُلدا في شهرهما السابع، وتحسنت حالتاهما بشكل ملحوظ حتى وصلا للرضاعة الطبيعية بشكل كامل، وانتكست حالتاهما ووفاتهما خلال 4 أيام، هي المدة التي فصلت بين الوفاتين، التي كانت في منتصف رمضان من العام الماضي، ولا يزالان في ثلاجة المستشفى حتى اليوم وسط مطالبة الأب بمبلغ 248 ألف ريال قيمة بقائهما في الحضانة؛ إذ يتهم المستشفى ببكتيريا، تسببت في وفاتهما، وطالب بالطب الشرعي، وتقارير الوفاة التي لم يتمكن منها حتى الآن.
يأتي هذا بعد قرابة خمس سنوات من تفجير تقارير صحفية مفاجئة حول وفاة خمسة أطفال في ليلة واحدة بالمستشفى، ثم اكتشاف التكتم على وفاة ثلاثة أطفال سبقوهم بشهر في المستشفى ذاته أواخر عام 2015.
وأشارت التقارير الصحفية في حينها للزميل عمر الغامدي من "المدينة" إلى أن لجنة طبية مختصة رصدت عددًا من الملاحظات بعد وفاة 8 أطفال بالمستشفى، أبرزها عدم وجود متخصص مسؤول داخل المستشفى عن مكافحة العدوى.
وتزدحم وحدة العناية المركزة للأطفال؛ إذ كان بها 33 طفلاً، في حين لا تتجاوز طاقتها الاستيعابية 26 طفلاً، إلى جانب قلة عدد الممرضات، ووجود إفراط في استخدام عقار الفانكومايسين، ولا يوجد آلية للسيطرة على استخدام المضادات الحيوية لدى الصيدلية، ولم يتم اعتماد سياسة المضادات، كما أن سياسة العام الذي سبقه لم يتم توزيعها على الأطباء، ولا يوجد ما يفيد باستلام الأطباء ورؤساء الأقسام ذلك. كما أن لجنة المضادات الحيوية بالمستشفى تم تكوينها حديثة.
وقال لـ"سبق" المقيم محمد السيد: أنجبت زوجتي توأما خديجًا في الشهر السابع، عبارة عن ابن وابنة، في منتصف شهر شعبان، وأُجريت لهما الفحوصات اللازمة، وأبلغني الأطباء بأن جميع الفحوصات سليمة، وجرى تنويمهما بقسم عناية الأطفال مع أطفال آخرين، وتحسنت صحتاهما، ووصلا إلى مرحلة الرضاعة الكاملة عن طريق الفم، وزاد وزناهما، إلا أنه بعد مرور ما يقارب شهر من تنويمهما أبلغتنا الطبيبة المسؤولة عن الحالة بأن الطفلين تعرضا لبكتيريا من الدرجة الثالثة، تطورت بعد ذلك إلى الدرجة الرابعة، ثم تطور الوضع إلى فشل الكليتين، وتدهوُر صحتاهما. وبعد فشل الكليتين بثلاثة أيام ماتت الطفلة في رمضان، وبعد 4 أيام أبلغني المستشفى بوفاة طفلي الآخر بعد أكثر من شهر من بقائهما في الحضانة.
وأضاف: وبسبب وفاة الطفلين غير طبيعية بسبب بكتيريا اكتسباها أثناء تنويمهما بالمستشفى فإنني طالبت بتقرير وبطبيب شرعي يكشف سبب الوفاة إلا أن ذلك لم يتم، ولم أتمكن منه بالرغم من مناشداتي المستمرة وطَرْق أبواب جهات عدة لأعلى سلطة بالمنطقة لفتح تحقيق نزيه وشفاف، وتشكيل لجان محايدة إلا أنني لم أجد تجاوبًا، بل إن الهيئة الشرعية في جلسة واحدة لم تتجاوز دقائق معدودة، لم أستطع فيها إطلاعهم على ما لدي من دلائل الإهمال والأخطاء الطبية؛ إذ كنت أحتفظ بملابس مليئة بالدماء، كانت ملقاة على أرضية غرفة الحضانة، إضافة لقرائن أخرى، حكمت بعدم وجود خطأ طبي بتاتًا. ولا أعلم إلى ماذا استندت الهيئة الموقرة؟
وقال السيد: لا يزال ابناي في ثلاجة المستشفى منذ 8 أشهر بانتظار الإنصاف. وإضافة للتسبب في موت أطفالي فالمستشفى يطالبني بقرابة ربع مليون ريال. وأنا أضع دم ابنَيّ في ذمة كل مسؤول يستطيع إنصافي، وتحقيق العدالة في دولة العدل والمساواة. وأناشد أمير الباحة ووزير الصحة تشكيل لجنة محايدة من خارج المستشفى للتحقيق.
وقال لـ"سبق" متحدث صحة الباحة ماجد الشطي: بالنسبة لشكوى المقيم فقد أصدرت الهيئة الصحية الشرعية قرارها برد الدعوى لعدم ثبوت وجود أي خطأ طبي، ومن حق أي طرف التظلم من القرار لدى ديوان المظالم، وذلك خلال ستين يومًا من تاريخ العلم بالقرار.
وأضاف حول تعثر توسعة العناية المركزة بالمستشفى: بدأ المشروع في شهر شعبان لعام 1439 هـ، وليس كما ذُكر في الاستفسار منذ أعوام، بتكلفة 48 مليونًا على مرحلتين، المرحلة الأولى في طور التسليم، وبدأ العمل فيها. علمًا بأن المشروع توقف لمدة 11 شهرًا بغرض عمل صيانة للمبنى لمقر العناية المركزة، لتواكب الأجهزة والتمديدات الحديثة التي سيتم تركيبها بالمشروع.
ومن جانب قانوني قالت لـ"سبق" المحامية والموثقة نادية العمري: إن القرار الصادر من اللجنة الصحية الشرعية بالباحة بعدم وجود خطأ طبي يعتبر قرارًا ابتدائيًّا قابلاً للطعن أمام محكمة الاستئناف الإدارية بمكة خلال 60 يومًا من استلام القرار، وإن طلب المقيم إحالة جثمانَي طفليه المتوفيَين إلى الطب الشرعي مشروعٌ، خاصة في ظل وجود احتمالية حدوث إصابة بكتيرية على حد إفادة المختصين في المجال الطبي، ولا يجوز للمنشأة الصحية الامتناع أو التأخُّر في الاستجابة لطلبه.
وأضافت: ما يثير الأمر وفاة الطفلين معًا في توقيت متزامن. ويحق للمقيم التظلم من قرار المنشأة بالامتناع أمام المحكمة الإدارية بالمنطقة بالاستعجال، وتضمين دعواه طلبًا عاجلاً بالحكم له، وإحالة جثمنَيْهما للطب الشرعي. وله أيضًا التظلم أمام الحاكم الإداري بمنطقة الباحة، وإلى وزير الصحة. وأرى أن يتم تشكيل لجنة للتحقيق في واقعة الوفاة تحقيقًا للعدالة.