زار وفد من النادي الأدبي الثقافي في منطقة حائل، مؤخراً، محافظة الغزالة وذلك بالتزامن مع انطلاق موسم حائل 2022 ، وذلك بهدف إبراز ما تحتويه المحافظة والقرى المجاورة من كنوز تراثية، ومعالم تاريخية، وقيم مضافة في السياحة الثقافية، وإبرازها إعلامياً.
وفي التفاصيل، اطلع الوفد الذي يضم عدداً من المختصين في التاريخ والأدب والإعلام والسياحة والتراث والاستثمار، على المعالم السياحية والتاريخية والأثرية بالمحافظة، ومن أبرزها القرية التراثية، وسور الإمام تركي بن عبدالله.
وفي بداية جلسة الحوار، قال رئيس أدبي حائل الدكتور نايف المهيلب: "إنهُ وبتوجيه من سمو أمير منطقة حائل ومتابعة سمو نائبه، جئنا لزيارة محافظة الغزالة للوقوف على المواقع التراثية والسياحية وإبرازها إعلامياً، نحن هنا اليوم في محافظة الغزالة ومعنا زملاؤنا الإعلاميون والمؤثرون لتغطية مواطن القوة، ومواطن التراث والمتمثلة في القرية التراثية، وسور الإمام تركي بن عبدالله - رحمه الله - وهو من أهم المواقع التاريخية في المحافظة، لنعرف مدى اهتمام الإمام تركي بن عبدالله بهذه المحافظة، ونعرف مدى المعاناة بين الغزالة وبين الدرعية كانت مئات الكيلو مترات وفي ذلك الوقت كانوا يتنقلون على ظهور الإبل، وكيف استجاب الإمام تركي بن عبدالله لنداء الغزالة وتزويدهم بالسلاح والعتاد وبناء سور لهذه المدينة العتيقة المحافظة بتقاليدها وبطولاتها المشهودة".
وأضاف "المهيلب": "نحن في النادي الأدبي سنقوم بجمع كل الأفكار والمقترحات التي طُرحت في هذه الجلسة، ومن ثم سنقوم بغربلتها وصياغتها من جديد بحيث تكون تقريراً كاملاً عن مواطن القوة في محافظة الغزالة وآلية التوظيف، وكل ما يخص الجانب الثقافي والتراثي، مع التركيز على السياحة التراثية، بحيث يكون التقرير مُكتنزاً يعكس البعد التاريخي للمنطقة والبعد الثقافي، والاقتصادي، والاستثماري وهذا ما نتمناه بإذن الله تعالى".
وعن الجانب السياحي، قال رئيس اللجنة السياحية في غرفة حائل منصور بن سليمان الغسلان: "من خلال تجربتنا بالمجال السياحي والترفيهي وجدنا أن العمل الوحيد الذي يختصر الوقت والجهد هو إقامة المهرجانات لتكون وسيلة للتعريف عن أماكن الميز النسبية أو أماكن الجذب السياحي في أي مكان، لذا أقترح أن يقام في محافظة الغزالة مهرجان ثقافي سياحي ترفيهي دائم وبعدة مواقع يهتم بالتراث والآثار، ونحن بحكم خبرتنا في هذا المجال على استعداد تام بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لإقامة أي مهرجان في هذه المحافظة التي تتوفر فيها مكامن الجمال والميز النسبية، بالإضافة إلى وجود القرية التراثية فيها وهذه بحد ذاتها وجهة سياحية، ومن المهم أن يكون المستثمر الأول هم شباب المحافظة، ويجب أن نستغل وجود طريق الحج والعمرة للجذب السياحي إلى المحافظة".
وفيما يخص الجانب التاريخي، قال خالد بن معزي الغيثي: "أكثر من ٩٠٪ من مسميات المواقع من جبال وأودية وقرى في منطقة حائل ومنها محافظة الغزالة؛ مازالت محتفظة بأسمائها الجاهلية ومذكورة في أقدم المصادر، ووردت في الأشعار الجاهلية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: جبل الحضن، وجبل العامود، و الغمر، وسقف، ورمان، ووادي الثلبوت المعروف حالياً بوادي الشُّعبة، وقرية القصة، وغيرها كثير، ومن ذلك قول امرئ القيس: فجاد قصيصا فالصهاء فمصطحا، وقال حاتم الطائي: بكيت وما يبكيك من دمن قفر.. بسقفٍ إلى وادي عمودان فالغمرُ".
وأشار "الغيثي" إلى أن محافظة الغزالة في الوقت الحاضر مرشحة لتكون مدينة كبيرة نظراً لموقعها المتميز، وطبيعة أرضها السهلية المنبسطة، ووقوعها على طريقين رئيسين وهما الطريق السريع الذي يربط مدينة حائل بالمدينة المنورة، وطريق المدينة المنورة القديم.
وأكد الدكتور حمود بن محمد الحسيني المتخصص في الجغرافيا البشرية، أن جميع المقومات السياحية متوفرة في محافظة الغزالة، سواء المقومات الطبيعية أو المقومات البشرية بالإضافة إلى الأبعاد التاريخية وقبلها البعد الديني والبعد الثقافي والبعد الاجتماعي، كل هذه المقومات تبرز المنطقة سياحياً وتوفر فيها التراث المادي والتراث غير المادي، وأكد الحسيني على ضرورة التركيز على التسويق والتعريف بالمحافظة وهذه مسؤولية الجميع، مشيراً إلى أن سور الإمام تركي بن عبدالله - رحمه الله - خير شاهد على وجود أبعاد سياسية وأبعاد اجتماعية وحضارية للمحافظة وما حولها، وأضاف: ينقصها فقط التسويق السياحي، مقترحاً في الوقت نفسه أن يتم التواصل مع لجنة التنمية السياحية، وفرع وزارة السياحية بالمنطقة لإبراز الجوانب الحضارية والتراثية والتاريخية في هذه المحافظة.
وفيما يخص التراث، قال مسؤول حماية مواقع التراث في فرع هيئة التراث بمنطقة حائل رائد بن جزاء العنزي: "إن من أهم المقترحات والتوصيات بعد زيارتنا للقرية التراثية في محافظة الغزالة هو: تطوير مرافق القرية التراثية، ووضع جناح خاص للحرفيين والمهتمين بالحرف اليدوية، ووضع جناح خاص للأسر المنتجة لتشغيل القرية، وطرح البلدة التراثية للاستثمار من قبل البلدية بعد التنسيق مع الأهالي".
وفيما يتعلق بالجانب الإعلامي قال رئيس فرع هيئة الصحفيين السعوديين بمنطقة حائل عبداللطيف المساوي: "إن من ضمن المقترحات مخاطبة الجهات المعنية لترقيم مثل هذه الأماكن السياحية حتى يسهل التعرف عليها والوصول إليها، وكذلك اقترح صناعة الأفلام الوثائقية عن القرية التراثية بالغزالة ليتم عرضها بعد ذلك على الزائرين".
وأضاف "المساوي": "نحن على الاستعداد للتعاون في كل ما يخدم هذه المحافظة وبقية محافظات المنطقة".
يذكر أن محافظة الغزالة تقع جنوب مدينة حائل على مسافة تقارب 100 كيلو متر على طريق حائل المدينة المنورة، وتقع في أرض سهلة، حيث كانت الغزالة مورداً قديماً جداً من موارد بني أسد واستوطنها بنو تميم بعد ذلك وزرعوها منذ زمن غير معروف بالتحديد، ولكن بعض التواريخ الموجودة في بعض مبانيها القديمة تشير إلى أن ذلك البناء تم في تاريخ ١١٠٠هـ؛ أي منذ ما يقارب 350 سنة تقريباً ولكن هذا لا يحدد بداية نشأتها الصحيحة.
ومن معالم المحافظة التاريخية سور الإمام تركي بن عبدالله، حيث يرتبط اسم هذا السور باسم الإمام تركي بن عبدالله آل سعود - رحمه الله - مؤسس الدولة السعودية الثانية والذي أمر ببنائه عام ١٢٣٧هـ بعد الحملة العثمانية التي تصدى لها أهالي القرية بكل بسالة، بعدها أمر الإمام تركي بن عبدالله آل سعود ببناء السور على القرية لحمايتها، كما يوجد فيها مسجد الطين القديم الذي يعود بناؤه لعام ١١٥٠هـ تقريباً ولا يزال قائماً حتى يومنا هذا.