تواصل "سبق" نشر حلقات الهجرة النبوية الشريفة، وتتناول في الحلقة العاشرة، إقامة أول سوق للمسلمين وتحديد أطر الاقتصاد الاسلامي.
استقرار المجتمع المدني:
وقال المهندس حسان طاهر المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة: عندما استقر المجتمع المدني للمسلمين في المدينة المنورة وتوطدت دعائمه فيه دعت الحاجة إلى سوق مستقرة تواكب استقرار المجتمع وتساير متطلباته.
وأضاف: عندئذ كان لابد من البحث عن سوق تتوافق في ضوابطها مع أسس ومبادئ الدين الجديد وحضارة التعاليم النبوية التي لا غش فيها ولا خداع.
سوق المناخة:
وأردف: المناخة سميت بذلك لأنها كانت تستخدم مناخاً للقوافل والحجاج، وهي أحد أحياء المدينة المنورة، تقع غربي المسجد النبوي من ثنية الوداع (الشامية) شمالاً إلى مسجد الغمامة جنوبًا.
وتابع: كان القسم الشمالي منها ميداناً للتدرب على ركوب الخيل والرماية في عهد النبي ﷺ، وكان النبي الكريم يحضرهناك ويحض المتدربين على أن يجودوا، ويسابق بينهم أحياناً.
وقال "طاهر": بُني في موقع السباق مسجد سمي مسجد السبق. وفي قسمه الثاني اختط رسول الله للمسلمين السوق في السنوات الأولى من الهجرة ليخلصهم من سيطرة اليهود على الأسواق الأخرى.
حضارة التعاليم النبوية:
وأضاف: عند استقرار المجتمع المدني بهجرة النبي ﷺ وبناء مسجده، كان لابد في ذلك الحين من البحث عن سوقتتوافق في ضوابطها وتعاملاتها مع أسس ومبادئ الدين الجديد وحضارة التعاليم النبوية التي لا غش فيها ولا خداع.
وأضاف: اضطرت الظروف المسلمين للتبايع في السوق الموجودة حينها والتي كان يتحكم اليهود فيها وكانت لهم اليد العليا.
وأردف: بعد مدة أخذت أنشطة المسلمين التجارية تزداد شيئاً فشيئاً بالتزامن مع استقرارهم وتزايد عدد سكان المدينة المنورة وزيادة الوافدين الجدد إليها.
وتابع: أمام مضايقات وخداع اليهود للمسلمين عمومًا وللتجار منهم خصوصًا وبسبب التباين في المبادئ التي تقوم عليها تجارة كل من الفريقين، كان لابد من أن ينحى النبي ﷺ منحاً جديداً فيه تصحيح لمسار النشاط التجاري، فأنشأ السوقالإسلامية ليحرر مال المسلمين من الخبائث والمعاملات الظالمة، وحتى يؤكِّد للناس شمولية الإسلام والذي يهتم بالأمور الدينية والدنيوية.
موقع السوق:
وقال "طاهر": اختار النبي ﷺ موقع السوق ووقف عليه وخطه للمسلمين إيذانًا منه ﷺ بعهد جديد في الاقتصادالاسلامي، فقد جاء في الروايات أن رجلاً جاء النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إني قد رأيت موضعًا للسوق أفلا تنظر إليه؟ فجاء به إلى موضع سوق المدينة، فقال: فضرب النبي ﷺ برجله، وقال: "هذا سوقكم فلا ينقص منه ولا يضربن عليهخراج".
مراحل مختلفة:
وأضاف: مرت منطقة السوق بمراحل مختلفة خلال العهود الإسلامية في طريقة التنظيم والآليات المحددة للتجارة فيه.
وأردف: ما زال موقع السوق موجودًا إلى عهدنا الحالي غرب المسجد النبوي، ويحظى بمتابعة مباشرة من قبل أمير المنطقة وتوجيهات سديدة في تأهيل السوق وتنظيمه بشكل مستمر لإتاحته للمستحقين، وتمكين الباعة الجائلين من استخدامه لعرض بضائعهم وفق الضوابط التي تحافظ على طريقة العرض التقليدية للبضائع على مر العصور.