يحمل الكاتب الصحفي عبدالله بن بخيت، صوت المواطنين وهو يتساءل متى تنتهي الفوضى المرورية في الرياض؛ مؤكدًا أن بعضنا لا يعرف شيئًا اسمه قوانين وأنظمة المرور وأخلاقيات التعامل مع الآخرين، ومطالبًا جهاز المرور بتولي دوره الطبيعي ومسؤوليته كمدرسة يتعلم فيها الجميع لغة المرور، والتصدي للمخالفين، وتقديم الحلول لأزمة المرور.
وفي مقاله "متى تنتهي الفوضى المرورية" بصحيفة "عكاظ"، يقول ابن بخيت: "يبدو أن حالنا انتقلت من مرحلة التذمر إلى قبول الأمر الواقع، ثم انتقلنا من قبول الأمر الواقع إلى مديح هذا الواقع. هذا ما تلمسه في حديث بعض الناس عن المرور في مدينة الرياض. ثمة من يقول: (من يقدر أن يسوق سيارة في شوارع الرياض يستطيع أن يسوق في أي مكان في العالم)؛ آخذًا الفوضى المرورية ميدانًا للتعلم والاحتراف والقدرة على المناورة، فالفوضى في نظر هؤلاء مدرسة تجعل منا سائقين ماهرين عالميين".
ويعلق الكاتب قائلًا: "تعلمنا سياقة السيارة في الثانية عشرة من العمر أو الثالثة عشرة. كنا بارعين في (التجعيف)؛ ولكن قدراتنا الذاتية وخبرتنا في الحياة لا تسمح لنا بالقيادة، بالإضافة إلى أننا لا نعرف شيئًا اسمه قوانين وأنظمة المرور وأخلاقيات التعامل مع الآخرين. بعض منا لا يدرك أن أنظمة المرور هي البُعد الحضاري المتمثل في السيارة التي هي منتج العصر الحديث".
ويؤكد "ابن بخيت" أن: "السياقة ليست قدرتك على قيادة السيارة؛ وإنما هي فهمك لقوانينها ودرجة احترامك لها. قيادة السيارة ليست مجرد مهارة حرفية، فأنت وأنا لا نقود السيارة في خلاء الربع الخالي. عندما تريد أن تدخل بيت أحدهم تطرق الباب ثم تستأذن، أما إذا اقتحمت البيت دون أن تستأذن أهل البيت تسمى همجيًّا لا محترفًا. نفس الشيء عند قيادتك للسيارة في الشوارع، فأنت شريك مع مئات بل آلاف من البشر. فقوانين المرور هي لغة مشتركة بين هؤلاء البشر؛ عندما تستخدم إشارات الانعطاف فأنت في الواقع تتخاطب معي، تخبرني بحركتك القادمة. عندما تغيب اللغة المشتركة في أمر خطر كهذا فنحن نقود سياراتنا عميان صقهان. كل منا سيفرض قوانينه حسب قدرته على التهور، فنصبح همجًا.. كلما ازداد نصيبك من الحضارة ازدادت كمية القوانين والأنظمة في رأسك وازدادت تعقيدًا وازداد إيمانك بها".
ويضيف "ابن بخيت" قائلًا: "لا أحمّل سائقي السيارات كامل المسؤولية. عندما ذهبنا للمدرسة ثمة مَن علمنا وفرض علينا الصح وعاقبنا على الخطأ وميّزنا بالدرجات. جهاز المرور هو المدرسة التي نتعلم فيها لغة المرور. رجل المرور هو الرجل الذي يمنحني الرخصة بعد أن يتم تعليمي ويتأكد من جهوزيتي ويتابعني أثناء السياقة خطوة بخطوة. لا ذاك الرجل الذي يجلس في سيارته يطقطق في جواله حتى تنتهي نوبته. التكنولوجيا تساعد رجل المرور ولا تحل محله. رجل المرور مثل المدرس والمدير والمراقب في المدرسة إذا غابوا دبت الفوضى بين الطلاب، لا تعليم بلا هؤلاء ولا تعليم بلا بنية تحتية، ولا مرور بلا رجل مرور، ولا مرور بلا بنية تحتية".
ويطالب "ابن بخيت" المرور بالتصدي للمخالفين، ويقول: "نادرًا ما نشاهد سيارة مرور تطارد سيارة وتوقفها على دخول خاطئ أو على انتقال مستهتر من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ونادرًا ما نشاهد رجل مرور يطلب رخصة السائق واستمارة السيارة وإثبات التأمين، ونادرًا ما نشاهد في الأحياء الداخلية لوحات تحدد السرعة".
ويُنهي الكاتب قائلًا: "هل شاهدت لوحات تحدد الأولوية عند تقاطع شارعين في الأحياء السكنية؟ بالإجمال: هل شاهدت ما يميز الأحياء السكنية في المدن عن الربع الخالي في المسألة المرورية؟ وأخيرًا هل شاهدت أحد مسؤولي المرور خرج مرة واحدة على الناس يطمئنهم بأن هناك حلولًا قادمة حتى ولو مجرد وعود؟".