تنطلق جميع القرارات التي تتخذها المملكة، والخاصة بالإنسان، من مقاصد الشريعة الإسلامية، مع الوضع في الاعتبار أهمية حفظ النفس البشرية وصيانتها وحمايتها من الأضرار والهلاك، تصديقاً لقوله تعالي: "وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا"، ومن هنا، جاء مقترح تقليل وقت خطبتي الجمعة في الحرمين الشريفين، لتكون 15 دقيقة، بدلاً من 30 إلى 45 دقيقة حاليًا، تخفيفًا على المصلين، في ظل ظروف الحرارة المرتفعة، ويميل هذا المقترح لمبدأ الوقاية والحفاظ على النفوس.
ويأتي حفظ النفس البشرية وصيانتها ضمن مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة، إذ يرى جمهور الفقهاء أن الشريعة الإسلامية تدور أحكامها حول حماية خمس أمور، هي أمهات لكل الأحكام الفرعية، وتسمى بالضروريات الخمس وهي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ العرض، وحفظ العقل.
ويتميز الإسلام عن الديانة المسيحية في أنه لا يحتقر الدنيا ولا يهين الجسد، كما يختلف عن اليهودية في أنه لا يهتم بالروح وينسى الحياة الأخرى، فهو دين يدعو إلى تحقيق التوازن بين مطالب الروح وحاجات الجسد والتوفيق بين العمل، والسعي في الحياة الدنيا، والعمل والسعي للحياة الآخرة، وبذلك، الإسلام يربي النفس البشرية على الربط بين ذكر الله وعبادته، والسعي لمصالحه في هذه الحياة، على أن تكون هذه المصالح نفسها عوناً على ذكر الله وجانب الله فيها مرعي، وعلى أن لا تكون مصالح الدنيا سبباً في إغفال ما يربي النفس ويزكيها ويسمو بها ويطهرها .
ولطالما اتبعت الحكومة السعودية ـ ولا تزال ـ شعار "الإنسان أولًا"؛ ومن هنا، فإن مقترح تقصير خطبتي الجمعة في الحرمين الشريفين لتكون 15 دقيقة بدلاً من 30 إلى 45 دقيقة حاليًا، تخفيفًا على المصلين في ظل ظروف الحرارة المرتفعة، هو أخذٌ بمبدأ الوقاية والحفاظ على النفوس، ويؤكد ذلك، ما تشهده منطقتا مكة المكرمة والمدينة المنورة حاليًا من زحام شديد، يجعل كثيراً من المصلين معرضين لحرارة الشمس الشديدة بشكل مباشر، في أوقات تبلغ فيها درجات الحرارة ذروتها من الساعة 11:00 صباحًا إلى 4:00 عصرًا، مما يجعل الأذى والضرر الذي يتعرض له المصلون أمرًا مؤكدًا يستوجب التخفيف لحمايتهم من الإجهاد الحراري وما يسببه من إعياء للمرضى وكبار السن.