في إطار التحول الكامل للمملكة إلى تنويع مصادر دخلها القومي، اعتمادًا على تنويع مسارات الاقتصاد المحققة للتنمية المستدامة، طبقًا لـ"رؤية 2030" سعت المملكة إلى مواجهة تحديات قطاع الطاقة الذي كان يقتصر في توفير احتياجاتها على البترول والغاز، فأدخلت الطاقة الذرية السلمية ضمن مزيج الطاقة الوطني، في سعيها لبناء قطاع للطاقة البديلة؛ من أجل مواجهة احتياجاتها المتزايدة للطاقة؛ حيث يتوقع أن تتجاوز ذروة الطلب على الكهرباء بوتيرته الحالية 120 جيجاوات، وتصل تحلية المياه إلى 7 ملايين متر مكعب يوميًّا بحلول عام 2030؛ بحسب التقرير السنوي للمركز السعودي لكفاءة الطاقة لعام 2016.
وأدخلت المملكة الطاقة الذرية السلمية ضمن مزيج الطاقة الوطني أيضًا؛ بهدف تعزيز إسهامها في معالجة أزمة التغير المناخي الناجمة عن الانبعاثات الكربونية الصادرة عن الوقود الأحفوري، وتطبيقًا لخططها في هذا الصدد وضعت المملكة "المشروع الوطني للطاقة الذرية"، وحرصت في إنشائه على الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية في هذا المجال، فوضعت خمسة معايير لتنفيذ المشروع هي: حصر جميع الأنشطة التطويرية الذرية على الأغراض السلمية، في حدود الأطر والحقوق التي حددتها التشريعات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، والالتزام بمبدأ الشفافية في الجوانب التنظيمية والتشغيلية.
وتشمل تلك المعايير أيضًا وبحسب "هيئة الرقابة النووية والإشعاعية" تحقيق معايير الأمان النووي والأمن النووي في المرافق النووية والإشعاعية، وفق إطار تنظيمي ورقابي مستقل، والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الوطنية من الخامات النووية، وتطبيق أفضل المعايير والممارسات العالمية لإدارة النفايات المشعّة، وتحقيق الاستدامة بتطوير المحتوى المحلي في قطاع الطاقة الذرية، وانسجامًا مع نهج الشفافية الذي أبدته المملكة في إنشاء المشروع فقد تعاونت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في جميع مراحله، وسمحت للوكالة بمتابعته أيضًا، كما وقعت المملكة مع الولايات المتحدة خلال زيارة الرئيس جو بايدن الحالية للسعودية، اتفاقية شراكة في مجالات الطاقة النظيفة، تتضمّن التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
ويتكوّن المشروع وفقًا لمدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، من أربعة مكونات أساسية تشمل: المفاعلات النووية الكبيرة، وهي مفاعلات ذات قدرة كهربائية تقدر ما بين 1200 و1600 ميجاوات من السعة الكهربائية للمفاعل الواحد، وتوطين تقنيات وبناء المفاعلات الذرية الصغيرة المدمجة، التي تمكّن المملكة من تملُّك وتطوير تقنيات الطاقة الذرية وبنائها في أماكن منعزلة عن الشبكة الكهربائية، ودورة الوقود النووي التي تمثّل الخطوة الأولى للمملكة في طريق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي، والتنظيم والرقابة، والمشروع بمكوناته لا يخرج عن الأغراض السلمية المرتبطة بالتنمية المستدامة.