عن قمة جدة.. "الراشد": أمريكا عادت إلى الرياض في اتفاق تَجَمّد منذ 10 سنوات

الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد
الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن الراشد، أنه في قمة جدة، عادت الولايات المتحدة إلى العلاقة الاستراتيجية مع الرياض التي تراجعت كثيرًا لمدة عشر سنوات من الجمود، منذ رئاسة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وتتمثل هذه العلاقة الاستراتيجية في عودة واشنطن إلى التعاون العسكري مع الرياض، راصدًا أبرز التفاهمات والاتفاقات العسكرية.

صخب التغطية الإعلامية لزيارة بايدن

وفي مقاله "التفاهمات العسكرية بين الرياض وواشنطن" بصحيفة "الشرق الأوسط"، يقول الراشد: "ربما شوّش صخب التغطية الإعلامية على زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لمدينة جدة؛ لكن ما أذيع رسميًّا عن نتائجها، يجعلها واحدة من أهم الزيارات في قيمتها الاستراتيجية.. فالإعلام الشعبي يبحث عن بهارات في المناسبات المختلفة، مثل هذه الزيارة. والقصص المثيرة عادة موجودة؛ فقد كانت صورة الرئيس السابق ترامب مع الملك سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وهم يضعون أيديهم على كرة افتتاح مركزٍ؛ هي القصة؛ وليس المركز المخصص لمحاربة الإرهاب في الفضاء السيبراني.. وكانت انحناءة الرئيس أوباما وهو يقلد وسامًا؛ هي الخبر.. وكذلك تشابك يدي الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، مع الرئيس الأسبق جورج بوش؛ هي حديث وسائل الإعلام.. ولا ننسى عندما تعثر بايدن على درج الطائرة، أو وقع من على الدراجة.. والآن عندما تبادل بايدن السلام بقبضته مع ولي العهد، عندما استقبله على باب القصر.. وهناك في واشنطن من كتب مستنكرًا: لماذا لم يستقبله على باب الطائرة؟!

لكن عند رصد اللقاءات وتقييمها، ليست البهارات الصحافية ما يُحتسب؛ بل ما يتم الاتفاق عليه بين الدولتين، إضافة إلى القمة السياسية التي شارك فيها قادة مجلس التعاون مع مصر والأردن والعراق، وحضرها بايدن".

عودة التعاون العسكري بين أمريكا والسعودية

ويرصد "الراشد" أهم نتائج القمة، ويقول: "عدا ما لم يعلن، وربما تم التفاهم عليه من الترتيبات الاستراتيجية؛ فإن ما صدر رسميًّا، في حد ذاته، يشكل تطورًا مهمًّا في العلاقات والتعاون.. ففي نظري، الجانب الأكثر أهمية فيه هو عودة الولايات المتحدة إلى التعاون العسكري مع السعودية؛ وبالتالي يمكن أن نقول إن الولايات المتحدة عادت أمس إلى العلاقة الاستراتيجية مع الرياض التي تراجعت كثيرًا لنحو عقد من الجمود؛ وذلك منذ رئاسة الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي اختار -آنذاك- تقليص التعاون مع السعودية والدول العربية، والتفاوض مع إيران. ثم خلال فترة خلفه، ترامب، أوقف الكونجرس جوانب من الصفقات والتعاون العسكري مع الرياض".

جزيرة تيران السعودية

ويضيف "الراشد": "في اجتماع الأمير محمد بن سلمان وبايدن، أول أمس، اتفق الطرفان على أن تغادر القوة الأمريكية وبقية قوات حفظ السلام والمراقبين من جزيرة تيران السعودية، التي تقع في فم خليج العقبة، بحلول نهاية العام. وجاء ذلك بناء على طلب الرياض لتحويل الجزيرة من قاعدة عسكرية إلى قاعدة اقتصادية، بعد استعادتها من الرعاية المصرية.. في المقابل تتحمل السعودية مسؤوليتها السيادية في تلك المنطقة المهمة استراتيجيًّا؛ فهي تشرف على ممرات بحرية دولية تسمح بمرور السفن؛ بما فيها الإسرائيلية، ومثل عبور الطائرات الإسرائيلية في الأجواء السعودية، كبقية المضايق المائية والأجواء الإقليمية، وهو ما سبق أن أُعلن عنه فعليًّا منذ عامين".

بناء منظومة لمواجهة الطائرات المُسَيّرة والصواريخ الباليستية

ويؤكد "الراشد" أن: "الأكثر أهمية هو ما اتفقت عليه الحكومتان في الشق العسكري والأمني؛ حيث أعلنت واشنطن عن عودة التعاون العسكري، والمبيعات العسكرية، التي تشمل أنظمة دفاعية وتقنية عسكرية متقدمة. وأعلنت عن التزامها التعاون لبناء منظومة لمواجهة "الدرونز" والصواريخ الباليستية التي تهدد السلام، أي الإيرانية، وغيرها من مليشياتها في المنطقة، التي لم تُسَمها صراحة.

فِرَق عسكرية لحماية المجال البحري في الخليج والبحر الأحمر

ويضيف الكاتب: "كما أُعلن أنه تمت الموافقة في الاجتماع الثنائي على التعاون العسكري بين السعودية والولايات المتحدة بإنشاء فرقة مشتركة في البحر الأحمر، وأخرى مشتركة في خليج عمان وشمال بحر العرب تقودها السعودية، واتفقا على عمل القوات السعودية مع الأسطول الخامس الأمريكي، مستخدمين التقنية الحديثة من السفن غير المأهولة والذكاء الصناعي في حماية المجال البحري".

اتفاقيات التقنية

ويُنهي "الراشد" قائلًا: "نرى أيضًا عودة الأمريكيين للتعاون الأمني مع الرياض، بعد قطيعة؛ حيث شَمِلَ التفاهم اتفاقيتين في مجال الأمن السيبراني: بين الهيئة الوطنية للأمن السيبراني السعودية مع (إف بي آي)، ووكالة الأمن السيبراني الأمريكية.. وفي تقنية الاتصالات، كانت السعودية قد باشرت مبكرًا استخدام تقنية الجيل الخامس الصينية. ونلاحظ في إعلان أمس عن نتائج الاجتماع الثنائي؛ أن الجانب الأمريكي وقّع مذكرة تفاهم على التعاون في ربط شركات التكنولوجيا السعودية والأمريكية بنشر الجيلين الخامس والسادس. والاتفاقيات الأخرى ذات قيمة كبيرة في مجالات التعاون التجاري والاستثماري والصحي والقانوني".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org