
امتدادًا لما أُنجز منذ إطلاق مشروع "إعادة إحياء جدة التاريخية" في عام 2021، ضمن رؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد – حفظه الله – شهدت المنطقة التاريخية تطورًا ملحوظًا خلال عام 2024، حيث أعلنت وزارة الثقافة عن مجموعة من الإنجازات التي تعكس التزامها العميق بالحفاظ على التراث الثقافي والمعماري للمنطقة.
ففي مجال الحفاظ على التراث العمراني، أتمّت الوزارة ترميم 27 مبنى تاريخيًا، وتأهيل 10 مبانٍ إضافية، إلى جانب دعم وإنقاذ 39 مبنى آخر، في خطوة تعزز القيمة المعمارية الفريدة للمنطقة. كما شهد العام افتتاح أول ثلاثة فنادق تراثية تقدم تجربة إقامة تمزج بين الفخامة والطابع الأصيل، وذلك ضمن خطة لترميم وإعادة تأهيل 34 مبنى تاريخيًا وتحويلها إلى فنادق.
أما على صعيد التنقيب الأثري، فقد أسفرت الدراسات الميدانية عن اكتشافات مهمة تعيد تأريخ المنطقة لآلاف السنين، حيث عُثر في مسجد عثمان بن عفان على قطع خشبية من الخشب السيلاني على ساريتي المحراب تعود إلى القرن الأول الهجري (السابع الميلادي)، كما اُكتشف جزء من وعاء خزفي يعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي، ما يبرز العمق الحضاري لجدة التاريخية ودورها كميناء نشط ومركز للتبادل التجاري مع الشرق الأقصى.
وفي سياق تطوير البنية الحضرية، أنهت الوزارة المرحلة الأولى من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين، التي شملت إزالة المرافق الأساسية والبنية التحتية، تمهيدًا للمرحلة الثانية الهادفة إلى إعادة البحر إلى ميناء البنط التاريخي، وإعادة الترابط بين المنطقة وهويتها البحرية. كما جرى تطوير مساحات خضراء بمساحة 90 ألف متر مربع، بهدف تعزيز جماليات المنطقة وتحسين جودة الحياة فيها. وفي مجال الخدمات التشغيلية، تم تشغيل 110 معدات لتغطية نطاق يمتد على مساحة 6 كيلومترات مربعة، شملت أعمال النظافة وخدمات أخرى، في إطار تحقيق التميز التشغيلي.
وعلى صعيد الأنشطة الثقافية، استضافت المنطقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي في ميدان الثقافة لأول مرة، إضافة إلى افتتاح متحف teamLab على مساحة 10 آلاف متر مربع، ومركز الفنون المسرحية والسينما، واللذين يقدمان تجربة تجمع بين الفنون التقليدية والفنون المستقبلية. كما اُفتتح المعهد الملكي للفنون التقليدية لتعزيز الحرف اليدوية وتمكين المواهب الشابة من المشاركة في أعمال الترميم، إلى جانب افتتاح متجر ومقهى "إرث" الذي يقدم تجربة ترفيهية وثقافية فريدة.
وفي إطار الشراكات الإستراتيجية، وقّعت الوزارة 6 اتفاقيات لتطوير المنطقة وتعزيز استدامتها، وأطلقت الموقع الإلكتروني الخاص بالوجهة السياحية، لتوفير تجربة رقمية متكاملة للزوار، تشمل معلومات عن المعالم والأنشطة الثقافية، وخدمات الدعم والاستفسارات.
وتعزيزًا لقيم الهوية والانتماء الوطني، نُظمت أكثر من 140 رحلة مدرسية وجامعية، شارك فيها 2,100 طالب وطالبة، كما تم توزيع 500 ألف نسخة من خريطة الزائر، لتسهيل استكشاف المنطقة وتعزيز تجربة الزوار. وقد أسفرت هذه الجهود عن استقطاب أكثر من 5.7 ملايين زائر لجدة التاريخية في عام 2024، بينهم 2.5 مليون زائر خلال موسم رمضان فقط.
وتواصل وزارة الثقافة تنفيذ مشاريع متعددة ضمن المخطط العام لإعادة إحياء جدة التاريخية، تشمل ترميم المباني، وتحسين البنية التحتية، وتطوير المجال المعيشي، بهدف تعزيز استدامة المنطقة وتحويلها إلى مركز جاذب للمشاريع الثقافية والأعمال، ومقصد نوعي لرواد السياحة الثقافية. وتأتي هذه الجهود ضمن إستراتيجية وزارة الثقافة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، من خلال تمكين القطاع الثقافي وتعظيم الاستفادة من الأصول التاريخية الوطنية.