تعاونت الهيئة العامة للغذاء والدواء مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" لتطوير طريقة جديدة، تُمكّن من كشف المواد المغشوشة في زيت الزيتون وتحديد كميتها.
وتعتمد هذه الطريقة على تقنية الرنين المغناطيسي النووي "NMR"، وتوفر ضمانًا بأن زيت الزيتون المتواجد في السوبر ماركت هو منتج أصلي، ويتوافق مع ما تُعلنه الملصقات على العبوات، وقد تم نشر هذه الطريقة في المجلة العلمية "Food Control".
وتُشير التقديرات إلى أنّ القيمة السوقية العالمية لصناعة زيت الزيتون تجاوزت الـ14 مليار دولار، العام الماضي، ومن المتوقّع أن تتخطّى 20 دولارًا خلال العقد المقبل.
وتُعدّ المملكة العربية السعودية من أكبر الدول المستوردة لزيت الزيتون على الصعيد العالمي، ومع ذلك تزداد المخاوف بشأن تلاعب بعض المنتجين بزيت الزيتون وزيت الزيتون البكر؛ حيث يتم خلطها بزيوت نباتية أخرى.
ويتيح هذا الأمر للمنتجين بيع منتجات ذات جودة منخفضة بأسعار أقل؛ ما يؤدي إلى تضليل المستهلكين وإيهامهم بأنهم يحصلون على زيت زيتون عالي الجودة.
في هذا الإطار تسعى الهيئة العامة للغذاء والدواء إلى تأمين سلامة الغذاء لجميع المواطنين والمقيمين في المملكة.
وقد بدأت الهيئة بالفعل في البحث عن طرق تحليلية مبتكرة لتقييم زيت الزيتون، واختارت "كاوست" كشريك أساسي يُعتمد عليه في هذا الجهد.
وأوضحت العالمة في المختبرات المرجعية للهيئة العامة للغذاء والدواء الدكتورة هبة الحربي، عن سبب اختيار الهيئة لـ"كاوست"، بأنه وقع الاختيار على "كاوست"؛ نظرًا لخبرتها في التقنيات التحليلية المتقدمة، وتحديدًا التحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي النووي عالي الدقة مع تحليل البيانات متعدد المتغيرات؛ ما يعزز قدرات الكشف عن مختلف الزيوت النباتية الممزوجة بزيت الزيتون.
ويعكس المشروع المشترك الذي يحمل عنوان "الكشف عن غش زيت الزيتون ومزجه بالزيوت النباتية المختلفة"، التزام الهيئة العامة للغذاء والدواء بتعزيز معايير جودة وسلامة الغذاء في المملكة العربية السعودية.
وقد تمّ تنفيذ هذه الشراكة البحثية بين المختبرات المرجعية، ممثلة في المختبر المرجعي لكيمياء الأغذية بالتعاون مع "كاوست".
وتضمّ "كاوست" مجموعة متقدمة من أجهزة الرنين المغناطيسي النووي، وهي الأكثر شمولًا في المملكة.
وتتطلب هذه الأجهزة الكبيرة استثمارات وصيانة عالية، وهو ما لا تفضل الجامعات الأخرى الالتزام به؛ لذا تعدّ "كاوست" الشريك المثالي لأي مشروع يتطلب أبحاثًا تحليلية دقيقة جدًّا، مثل تحديد الجزيئات الفردية في عينة كيميائية لتطوير الأدوية، أو تحليل الملوثات في عينات المياه، أو قياس نقاء عينات الطعام.
وتمكّنت الدكتورة "الحربي" وفريقها في "كاوست" من تطبيق تقنية أجهزة الرنين المغناطيسي النووي، مع الاستفادة من الأساليب الإحصائية متعددة المتغيرات، لقياس أنواع وكمية المواد المغشوشة في عينات زيت الزيتون.
وقد وفرت قوة المجال المغناطيسي لهذه الأجهزة دقة غير مسبوقة؛ ما ساعد على كشف مستويات من المواد المغشوشة التي يصعب اكتشافها عادة.
إلى جانب دقته الاستثنائية يتمتّع الرنين المغناطيسي النووي بمزايا أخرى لدراسة زيت الزيتون: أولًا يسهل تحضير العينات؛ ما يوفر الكثير من الوقت والجهد، وبالتالي التكلفة مقارنة بالأدوات التحليلية القياسية المستخدمة في الصناعة.
ثانيًا لا يتم تدمير العينة؛ ما يفيد الجهود المبذولة لتوحيد جودة زيت الزيتون.
كما تدرس المؤسستان توسيع نطاق شراكتهما في هذا المشروع للكشف عن المواد البلاستيكية واللدائن الدقيقة والملوثات الأخرى في زيوت الطعام.
من جانبه قال الدكتور عبد الحميد إمواس، وهو عالم في "كاوست" متخصص في الرنين المغناطيسي النووي، ومساهم في المشروع: "نشارك مرافقنا للرنين المغناطيسي النووي مع المؤسسات في جميع أنحاء البلاد المعنية بدراسة أولويات المملكة. ويشكل عملنا مع الهيئة العامة للغذاء والدواء مثالًا ممتازًا على كيفية تحسين جودة الغذاء والصحة العامة في المملكة".
يذكر أن الاتحاد الأوروبي سجل هذا العام رقمًا قياسيًّا في معدلات الغش التجاري وتزوير الملصقات المتعلقة بمنتجات زيت الزيتون؛ حيث يُشكل هذا الغش تهديدًا لصناعة زيت الزيتون، ويثير شكوك المستهلكين الذين لم يعد بإمكانهم التأكد من جودة ما يشترونه لمواجهة هذه المشكلة.