ما زالت الحلقات مستمرة حول المعالم الطبيعية في المدينة المنورة. وحديثنا اليوم سيكون عن الحرات أو اللابات، التي تعد من أهم الخصائص الطبيعية للمدينة المنورة. كما ارتبطت بأحداث تاريخية ونبوية؛ جعلت منها مقصدًا ومَعلمًا، يسعى زائر المدينة المنورة لاستكشافه، والوقوف عليه.
وفي الحلقة الثانية عشرة من زاوية "سبق"، التي تتحدث فيها عن معالم المدينة المنورة، نتناول "حرات المدينة المنورة".
يقول المهندس حسان طاهر، المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة المنورة: الحرات، أو ما تعرف باللابات، هي عبارة عن مكونات بركانية ذات طبيعة وعرة سوداء اللون، تغطي مساحات ومسطحات كبيرة من شبه الجزيرة العربية، تظهر بوضوح تام في سلسلة الحجاز، وتمتد بمحاذاة ساحل البحر الأحمر. ويطلق على هذه الحرات أسماء مختلفة محلية ومشتقة من منطقتها.
وبيّن طاهر أن المدينة المنورة تقع عند النهاية الشمالية لكبرى هذه الحرات امتدادًا ومساحة، وتحتل موقعًا استراتيجيًّا بين الحرات الثلاث المشهورة المتمثلة بـ(حرة واقم المعروفة اليوم بالحرة الشرقية التي تشمل كامل الجزء الشرقي من المدينة، وحرة الوبرة المعروفة اليوم بالحرة الغربية وتمثل غربي المدينة، وحرة شوران أو ما تعرف بالحرة الجنوبية، وتمتد في جنوب المدينة).
وأفاد المهندس حسان بأن الموقع الجغرافي المميز الذي منحه الله -عز وجل- للمدينة المنورة بجانب ما أحاط بها من جبال وأودية جعل منها مدينة محمية بطبيعتها؛ إذ أحاطها الله تعالى أيضًا بمجموعة من الحرات، جعلت منها موضعًا حصينًا، يصعب على أي مغير اقتحامه. ولعل ما حصل من أحداث غزوة الخندق، وما لعبته طبيعة الموقع من دور كبير في التخطيط لهذه الغزوة، يؤكد ذلك.
وأكد المدير التنفيذي لمتحف دار المدينة المنورة أن حرة واقم وحرة الوبرة تعتبران من أشهر حرات المدينة، وهما المقصودتان باللابتين الواردتين في الحديث النبوي الشريف القاضي بتحريم المدينة. فعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتَيْها، لا يُقطع عضاها، ولا يُصاد صيدها" رواه مسلم.
وسنستعرض معكم أهم وأشهر الحرات الواقعة داخل النطاق العمراني في المدينة المنورة:
حرة واقم "الحرة الشرقية"
حرة واقم اسم أُطلق على النهاية الشمالية من الحرة الشرقية من المدينة، وتمثل الحرة الشرقية النهاية الغربية للحرة الكبرى التي تعرف بحرة رهط. وقد حدث أن ظهر على هذه الحرة نار الرحة التي أخبر بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وظهرت في عهد سيدنا عمر، وظهرت في عام 654هـ بشكل مخيف، ودُونت أحداثها في الكثير من كتب التاريخ.
حرة الوبرة "الحرة الغربية"
تقع في الجهة الغربية من المدينة المنورة، وهي حرة قديمة جدًّا، ظلت محافظة على تكوينها وتركيبها الجيولوجي والطبيعي حتى اليوم.
حرة شوران "الحرة الجنوبية"
تقع في الجهة الجنوبية للمدينة المنورة، وتُعرف عند أهل المدينة بحرة شوران، وهي جزء من حرة المعصم. وهذه الحرة هي المقصودة في الحديث النبوي الشريف: لما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- إبلاً في السوق أعجبه سمنها فقال: "أين ترعى هذه؟"، قالوا: بحرة شوران، فقال: "بارك الله في شوران".