كشف نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، المهندس خالد بن صالح المديفر، عن الجهود التي بُذلت لتحقيق الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية في المملكة، بداية من إصدار نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية ووصولاً إلى الإعلان عن ارتفاع قيمة تقدير الثروات المعدنية في المملكة لتصل إلى 9.3 تريليونات ريال (2.5 تريليون دولار)، مقارنة بتقديرات عام 2016 البالغة 5 تريليونات ريال (1.3 تريليون دولار)، بنسبة ارتفاع 90%.
وذكر "المديفر"، في مقال له نشرته مجلة (فوربس) بعنوان: "مضاعفة القيمة المقدرة للثروات المعدنية في المملكة العربية السعودية"، إن ارتفاع قيمة تقدير الثروات المعدنية إلى 9.4 تريليونات ريال، والذي تم الإعلان عنه تزامناً مع انعقاد النسخة الثالثة لمؤتمر التعدين الدولي 2024، شكل دافعاً لتطوير سياستنا التعدينية بهدف تسريع جهود استكشاف ثرواتنا واستغلالها لتنمية وتقدم بلادنا.
وأضاف قائلاً: "إن رحلتنا للكشف عن الثروات المعدنية غير المستغلة في المملكة، بدأت قبل خمس سنوات. وفي ذلك الحين قدرنا قيمة هذه الثروات التعدينية المحتملة بـ5 تريليون ريال (1.3 تريليون دولار)، وكنا ندرك وقتها أن هناك وفرة في الموارد، التي تنتظر الاكتشاف، من شأنها أن ترفع القيمة المقدرة لثروات المملكة المعدنية الهائلة".
واستعرض نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين، عدداً من الخطوات التي تم اتخاذها في ظل رؤية 2030 ويشمل ذلك تحديث نظام الاستثمار التعديني، الذي شكل البنية التشريعية والنظامية للقطاع، ووفر بيئة واضحة وشفافة وميسرة للمستثمرين في قطاع التعدين، بالإضافة إلى إتاحة البيانات الجيولوجية للمستثمرين، وتحسين البنية التحتية الأساسية للقطاع، وتقديم الحوافز لجذب المستثمرين.
وأكد أنه: نتيجة لهذه الجهود حدثت زيادة تقدر بأربعة أضعاف في عدد التراخيص مقارنة بعددها خلال السنوات الست السابقة لصدور نظام الاستثمار التعديني. وهذا يعكس، بطبيعة الحال، قدراً كبيراً من الحماسة والثقة المتجددة في قطاع التعدين في المملكة، وقد تجلت هذه الحماسة في زيادة قيمة الإنفاق على الاستكشاف من 70 ريال لكل كيلو متر مربع في عام 2019 لتصل إلى نحو 180 ريال لكل كيلو متر مربع في عام 2023.
وذكر المهندس خالد المديفر في مقاله أنه تزامناّ مع تعديل وإصدار نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية، تم تدشين رحلة استكشافية طموحة تمتد عبر مساحة شاسعة من منطقة الدرع العربي تزيد عن 700 ألف كيلومتر مربع. حيث غطى المسح الجيولوجي الإقليمي ما نسبته 30% من مساحة الدرع العربي؛ كما تم تطوير أعمال المسوح الجيوكيميائية لتشمل 40% من منطقة الدرع العربي، ونتج عن ذلك تحليل أكثر من 76 عنصراً من العناصر الكامنة في هذه المنطقة.
وتطرق إلى تطوير قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية، التي تضم حصيلة 80 عاماً من البيانات الجيولوجية، لتصل إلى أكثر من 10 تيرابايت من البيانات والخرائط الجيولوجية، بما يمثل زيادة قدرها 50% على مدى السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذي يُحول قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية إلى قاعدة بيانات عالمية تشتمل على معلومات حول أعمال المسح والتنقيب الجيولوجي التفصيلي والبيانات التعدينية للثروات المعدنية في المملكة.
وبيّن، من ناحية أخرى، أن الزيادة الكبيرة في موارد الفوسفات أدت إلى استثمار هائل في البنية التحتية للمنطقة الشمالية من المملكة، وهو ما أتاح الوصول إلى موارد إضافية، مؤكداً على أن أعمال التنقيب والاستكشاف التي تقودها شركة (معادن) حققت آثارها الاقتصادية، باعتبارها بطلنا الوطني في هذا المجال.
وفيما يتعلق بخام الحديد، لفت إلى أن الطلب عليه في المملكة أدى إلى تعزيز جدوى رواسب خام الحديد المحلية، كما أن برنامجنا الاستكشافي، الذي يركز على المعادن الأرضية النادرة والمعادن الضرورية لتحول الطاقة، بالإضافة إلى معدن النيوبيوم، ساهم في تحديد ملامح ثروتنا المعدنية، مشيراً إلى أن هناك الآن طلبا كبيرا على هذه المعادن التي تستخدم في مكونات المركبات الكهربائية، وهذا يمثل بالنسبة للمملكة فرصة لتنويع قاعدة مواردها وتوجيهها نحو قطاعات تحول الطاقة.
وحول برنامج حوافز الاستكشاف، الذي أعلن عنه بالشراكة مع وزارة الاستثمار ولجنة الحوافز الوطنية بميزانية تتجاوز 685 مليون ريال للسنوات السبع المقبلة، قال إن هذا البرنامج يهدف إلى دعم المستثمرين وجذب استثمارات جديدة في قطاع الاستكشاف بالمملكة، وتغطية جزء من أنشطة التنقيب والأنشطة الجيولوجية العلمية وتنمية المواهب المحلية؛ كما يعمل على تقليل مخاطر الاستثمار في التنقيب عن المعادن الحيوية والإستراتيجية اللازمة لتحول الطاقة على مستوى العالم.
وأشار المهندس خالد المديفر إلى ما شهده مؤتمر التعدين الدولي، في يناير الماضي، من الإعلان عن جولة جديدة من تراخيص التعدين، التي من شأنها إتاحة الوصول إلى 33 موقع استكشاف جديد، تمثل بإمكاناتها التعدينية فرصاً استثمارية في انتظار من يغتنمها، مع الالتزام بما نصت عليه لوائح نظام الاستثمار التعديني فيما يختص بضمان الاستدامة الاجتماعية والبيئية، إلى جانب طرح منافسة أو لحزام تعديني بالمملكة للمنافسة على مساحة شاسعة في جبل صايد، الغني بالنحاس والزنك والذهب، بهدف جذب (لاعبين) كبار لاستكشاف رواسب معدنية من المستوى الأول في المملكة.
واختتم نائب الوزير لشؤون التعدين، مقاله قائلا: "تستمر قصة الاستكشاف التعديني في مملكتنا. وإمكاناتنا في الوقت الحاضر أكبر وأفضل من أي وقت مضى. ومن خلال دعوة قادة قطاع التعدين والمعادن في العالم للانضمام إلينا في هذا المسعى، والكشف عن مناطق جديدة للترخيص، فإننا على أهبة الاستعداد لاكتشاف ثروات جديدة لن تدفع اقتصادنا إلى الأمام فحسب، بل ستضيئ أيضاً طريق صناعة المعادن العالمية نحو مستقبل أكثر إشراقاً واستدامة".