

يقدّم الكاتب الصحفي مشاري الذايدي، في مقاله بصحيفة «الشرق الأوسط»، قراءة سياسية وفكرية عميقة للأزمة اليمنية الراهنة، معتبرًا أن اللحظة الحالية هي «وقت الحكمة اليمانية»، حيث تتقدّم الحاجة إلى التعقّل وضبط النفس على منطق التصعيد، خصوصًا في الجنوب، انسجامًا مع دعوات المملكة العربية السعودية للحوار ووحدة الصف، ومواجهة الأخطار الكبرى التي تهدد اليمن ومستقبله.
يستهل الذايدي مقاله «وقت الحكمة اليمانية»، بالحديث النبوي الشريف: «الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية»، معتبرًا إياه أساسًا أخلاقيًا وفكريًا لفهم ما يجري اليوم. ويستشهد بتغريدة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، الذي دعا فيها المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة ووحدة الصف»، والاستجابة للوساطة السعودية-الإماراتية لإنهاء التصعيد.
يعزّز الكاتب طرحه ببيان وزارة الخارجية السعودية الذي أكد أن «القضية الجنوبية قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية»، وأن حلّها لا يكون إلا «عبر حوار يجمع الأطراف اليمنية كافة ضمن مسار سياسي شامل».
يستحضر الذايدي تعريف ابن القيم للحكمة: «فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي»، ليؤكد أن عدالة القضية الجنوبية لا تعني القفز فوق التوقيت المناسب، بل تتطلب «التراجع خطوة للخلف» لامتصاص الأزمة، وإعادة توجيه الجهود نحو الخطر الأكبر، وفي مقدمته المشروع الحوثي، إلى جانب تنظيمات مثل «القاعدة» و«داعش».
يشير الذايدي إلى ما يمتلكه اليمن من عناصر قوة استراتيجية، من سواحل ومعابر بحرية دولية، وتنوع بشري واقتصادي، غير أنها ظلت معطّلة بسبب الحروب والانقسامات. ويرد الكاتب على «شيطنة السعودية»، مؤكدًا أن استقرار اليمن مصلحة حقيقية لجيرانه وللعالم، نظرًا لموقعه الحيوي على طرق التجارة العالمية.
يخلص الذايدي إلى أن «الخير اليوم لأهل الجنوب» يكمن في الإصغاء لدعوات الحكمة، والتراجع عن التصعيد في حضرموت والمهرة، دون شطب القضية الجنوبية، بل بإعادة إحياء الحوار اليمني-اليمني، وتوحيد الصف لمواجهة الخطر الحوثي، «ذلك هو منطق الحكمة».