تتميّز المدينة المنورة بإرث ديني وتاريخي بارز، فهي مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإحدى أماكن نزول الوحي على أفضل المرسلين، وقد شرَّفها الله وفضَّلها وجعلها خير البقاع بعد مكة المكرمة.
وفي هذا العهد الزاهر، اهتمّت القيادة بالمساجد التاريخية والمواقع المرتبطة بالسيرة النبوية، إذ حظيت مساجد منطقة المدينة المنورة باهتمام مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية، حيث ضمّ 4 مساجد بالمنطقة؛ بهدف الحفاظ عليها وإعادتها لأقرب صورة إلى حالتها الأصلية، فضلًا عن الحفاظ على خصائصها الوظيفية، واستعادة رونقها وجمالياتها القديمة.
وتستمد المساجد التاريخية بمنطقة المدينة المنورة أهميتها؛ لارتباطها الوثيق بالسيرة النبوية الشريفة، والعديد من المواقع المرتبطة بالفترة الإسلامية، كمحافظة العُلا التي تضم بين جنباتها آثارًا عديدة.
وتعدّ الآبار النبوية إحدى مكوّنات التاريخ الإنساني المتعدّد الذي تزخر به المدينة المنورة، ويعود تاريخها إلى العهد النبوي وما قبله، ولبعضها ارتباط بسيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إما بشربه عليه الصلاة والسلام منها، وإما التوضؤ أو الاغتسال منها، وإما بمروره عليه الصلاة والسلام بها، ولبعض تلك الآبار كذلك مواقف تتصل بسيرته أثناء حياته صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه الآبار "بئر غرس" الذي حظي بالعناية بوصفه معلمًا تاريخيًا بارزًا تم حفره قبل نحو 15 قرنًا، وقد دشّن الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، مؤخرًا، اكتمال أعمال تطوير البئر، ضمن 8 مساجد ومواقع أثرية جرى صيانتها بعناية، وإعادة تأهيلها والمحافظة على طابعها المعماري، وجودة بنائها.
ويستقبل موقع البئر اليوم العديد من الزائرين والأهالي بعد اكتمال عمليات تطويره وترميمه، وإعادة إحيائه.
ونظرًا لما لهذه المواقع من رونق تاريخي تثير الإعجاب والدهشة وتجذب إليها اهتمام المهتمين بالتراث والسيرة النبوية وتدفعهم إلى التأمل والتفكر في المعالم التَّاريخيَّة التي تجسد الماضي بكل تفاصيله الفنية والثقافية والهندسية والاجتماعيَّة.
ويُحرص ضيوف الرحمن الموجودون في المدينة المنورة على زيارة المساجد والمعالم والمواقع والمآثر التاريخية في طيبة الطيبة والتجول في المعالم التاريخية والأثرية، منها الصلاة في رحاب المسجد النبوي والتشرف بالسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى صاحبيه -رضوان الله عليهما- والزيارة والصلاة في مساجد قباء، والقبلتين، والجمعة، والفتح، والغمامة، والإجابة، والشهداء، والخندق، والميقات، بما يعيد إلى أذهانهم الذكريات العطرة والصور الرائعة للسيرة النبويّة، إضافة إلى زيارة مواقع المعارك التاريخية بمنطقة المدينة المنورة في الإسلام؛ منها موقع معركة أحد والخندق وغيرها، إلى جانب زيارة مقبرة شهداء أحد بجوار جبل أحد داخل حرم المدينة المنورة منهم عمّ الرسول عليه الصلاة والسلام حمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- الذي استشهد وبعض من الصحابة في غزوة أحد التي دارت بين المسلمين والمشركين على سفح الجبل ويقصدها الزوار لأخذ العظة والعبرة.
ومن المعالم الجغرافية المشهورة بها المدينة المنورة والمذكورة في السيرة النبوية والمصادر التاريخية والجغرافية جبل أحد، وجبل عير، والجماوات، والأحمية، مثل: حمى النقيع، وحمى الربذة، ووادي العقيق، ووادي بطحان، والرانوناء، ووادي القرى، وغيرها من الأودية الكثيرة المشهورة.
ويستمر إقبال الزائرين على مواقع تاريخية بالمدينة المنورة، حيث يحرص غالبية الزائرين على الاطلاع على مواقع التاريخ الإسلامي، وينتقل الزائرون إلى المواقع والمعالم التاريخية في حافلات حديثة مكيّفة ومجهّزة بكافة متطلبات الخدمة، أو بواسطة مركبات تنقل العائلات والزوّار، حيث تمّت تهيئة مختلف المواقع ودعمها بكل أشكال الخدمات، وتأهيلها بتصاميم تحفظ طبيعة المكان، وتهيئة الطرق والمسارات التي تسهم في سهولة وانسيابية الوصول إليها، وإنشاء مرافق للعناية بالزائرين وخدمتهم، وتطبيق أفضل الممارسات، التي تسهم في سهولة وصول الزائرين وانتقالهم وتعزيز جاهزية استقبالهم في المواقع التاريخية الإسلامية.