يفتقد المحتاجون والمعوزون في رمضان هذا العام، الشيخ عبدالعزيز التويجري الذي كان يتكفل بتفطيرهم في بعض مساجد الرياض، ويساعدهم في تسيير أمور حياتهم اليومية بالصدقة والزكاة ومد يد العون لهم، قبل أن تطاله يدر الغدر برصاصة طائشة وهو في غينيا قبل أشهر، في رحلة دعوية كعادته السنوية؛ حيث كان يذهب لبعض الدول ليس للسياحة والاستجمام؛ بل لإيصال الرسالة السماوية واهباً نفسه وماله لله.
مات "شهيد الدعوة" بعد أن قضى أكثر من نصف عمره متنقلاً في ساحة الدعوة متسلحاً بالحكمة والعلم الشرعي، ينصح ويوجه باللين؛ فأسلم على يديه العشرات في إفريقيا.. وفي زاوية "كانوا معنا" التي نستذكر فيها مسيرة مَن أخذهم الموت؛ نتذكر عطر "التويجري" الذي غاب عن مائدة رمضان هذا العام ولم يغب وجهه عن أعين محبيه.
وقال سليمان التويجري أخو الشيخ: "أخي -رحمه الله- نشأ في كنف أسرة ملتزمة، وتوجه في مرحلة متقدمة من عمره منكباً على العلم والدراسة؛ فتخرج من الجامعة وتَعَيّن في الجبيل، ثم انتقل للقويعية، ثم انتهى به العمل معلماً في المعهد العلمي بالدرعية، ثم بدأ مشواره مع الدعوة؛ أي قبل أكثر من ٢٠ سنة؛ فكان يذهب للقرى في السعودية ويدرّس الاُميين هناك ويعلمهن قصار السور والأحاديث".
وأردف: "بعدها تَشَجّع للعلم بعد أن لمس أثر ذلك، ثم بدأ يسافر للخارج في الإجازات ويمضي أياماً قليلة، ثم بدأ يطيل المكوث هناك في دول إفريقيا كغينيا وغيرها بصحبة بعض الدعاة، ينشر العلم بالرفق واللين بعيداً عن التنطع وما شابه، وكان يقضي أغلب إجازاته بالخارج بين دعوة ودروس علمية".
ومن مواقفه بالدعوة: "في ذات يوم اصطحب عائلته لإحدى القرى بالسعودية، وقامت واحدة من بناته بتعليم سيدة كبيرة بعض السور؛ فكان مؤثراً في نفس طفلته؛ بأن رزق الله هذه الصبية حفظ السور، وكيف لهذه السيدة أن تقبل على العلم وهي في هذا السن، كذلك من الذكريات في دعوته الخارجية أنه كان قبل أن يذهب لأي قرية يأخذ معه الأرز والسكر، يرقق قلوب السكان هناك؛ فكانت تسلم قرية كاملة ويتفاعلون معه؛ فهدايا بسيطة لها وقع كبير".
وعن جدوله الرمضاني قال أخوه: "بعد الفجر كان يجلس في المسجد يذكر الله ويقرأ القرآن حتى الشروق، ويصلي الضحى، ثم يعود للمنزل وينام حتى الظهر، ويقضي وقته حتى قبيل المغرب ما بين ذكر وتلاوة للقرآن، أما وقت المغرب فيكون وقتاً للجلوس مع العائلة ومشاهدة بعض البرامج النافعة، وبعد التراويح يتناول العشاء؛ ومن ثم يذهب للسلام على والدته".
وعن نشاطه الدعوي في رمضان؛ أوضح: "كان له جهود محدودة بإلقاء كلمات في المساجد بعد صلاة التراويح، ويستغل الشهر في العبادة، وكان دائماً على لسانه قول رسولنا عليه الصلاة والسلام: (رَغِمَ أنفه من أدرك رمضان ولم يُغفر له)، وكان طيلة العشر الأواخر يعتكف في المسجد ولا يخرج إلا مغرب ليلة العيد، وقبل إمامته للمسجد (مسجد أبي ذر الغفاري) كان يعتكف في المسجد الحرام في مكة المكرمة ويعود للرياض ليله العيد".
وعن الوجبات الرمضانية المحببة له، قال: "وقت الإفطار يفضّل الشوربة والتمر مع قهوة وحلا؛ أما السحور فدائماً يتسحر على التمر والماء، وغالباً بعد الشروق يجلس جلسة ودية يوصينا ويحثنا على الاجتهاد في العبادة، وأنها أيام معدودات ويجب استغلالها بما ينفعنا، وليلة العيد بعد خروجه من الاعتكاف نذهب لشراء شوكولاتة للعيد، ويحتفل مع أسرته ليلة العيد".
واختتم: "رمضان بالنسبة له شهر ركض وعبادة، لا طعام ولا شراب إلا حسب الحاجة، وخلال إمامته للمسجد ١٢ سنة تقريباً كان مسؤولاً عن التفطير، ويفطر في المسجد مع العمالة، ويشرف عليهم وعلى احتياجاتهم، وبعد تركه للإمامة أصبح يفطر في المنزل مع أسرته؛ ولكن لا ينسى إفطار المحتاجين من الأقارب وغيرهم، وكانت له عادة سنوية هي أن يأخذ والدتي للعمرة".