أكد وزراء الخارجية العرب خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب اليوم بشأن فلسطين، رفضهم القاطع وإدانتهم للموقف الأمريكي بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووصفوه بالتحول المؤسف الذي يقوض حل الدولتين.
ودعا وزير الخارجية العراقي رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، محمد علي الحكيم، الدول العربية إلى العمل بشكل جماعي وأكثر فاعلية لبلورة رأي عام دولي رافض للتوجه الأمريكي بشأن الاستيطان الإسرائيلي، مؤكداً أن مثل تلك القرارات الأمريكية تسهم في تأجيج الأوضاع في المنطقة العربية وتنعكس سلباً على أمنها واستقرارها.
وقال الحكيم إن الحكومة العراقية ترى أن الموقف الأمريكي يمثل شرعنة للاحتلال الصهيوني وتغييراً للحقائق التاريخية على الأرض ويعرقل المساعي والجهود الرامية إلى إيجاد تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية.
وأضاف أن الاجتماع اليوم يأتي في ظل ظروف بالغة التعقيد ومستجدات وتطورات تعكس مدى التهديدات الخطيرة التي تواجه القضايا المصيرية للأمة وبالأخص القضية الفلسطينية، مؤكداً أن مثل تلك القرارات تعكس مدى انحياز الولايات المتحدة للكيان الصهيوني الغاصب على حساب الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.
وطالب بالعمل على اغتنام المواقف الدولية المتضامنة مع حقوق الشعب الفلسطيني لتوضيح خطورة تلك المواقف الأمريكية التي شجعت الكيان الإسرائيلي على التمادي في سياسة الاستيطان والحصار والسيطرة على الأراضي الفلسطينية، منتهكا جميع قرارات الشرعية الدولية التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف والعمل على إبراز المعاناة الحقيقية للشعب الفلسطيني الناجمة عن انحياز الإدارة الأمريكية الكامل للكيان الصهيوني الغاصب.
وشدد على موقف العراق الثابت والراسخ في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، مع التأكيد على أن تحقيق الاستقرار في المنطقة لن يتحقق بدون حل دائم وعادل لقضية فلسطين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
من جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أن الإعلان الأمريكي بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعد تحولاً بالغ السلبية، وتحولاً مؤسفاً في الموقف الأمريكي لا تقدر الإدارة الحالية تبعاته وآثاره على المدى الطويل حق قدرها.
وقال أبوالغيط في كلمته في الجلسة الافتتاحية في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب اليوم بمقر الجامعة العربية برئاسة العراق إن الإعلان لا يُغير شيئاً من وضعية المستوطنات بوصفها كياناتٍ غير شرعية ولا قانونية، مؤكداً أن القانون الدولي يصوغه المجتمع الدولي كله، وليس دولة واحدة مهما بلغت أهميتها، والاحتلال الإسرائيلي يظل احتلالاً مداناً من العالم أجمع، والاستيطان يظل استيطاناً، باطلاً من الناحية القانونية، وعاراً على من يمارسه أو يُقر به من الزاوية الأخلاقية.
وأضاف أن ما يُثير الانزعاج حقاً في شأن هذا الإعلان هو تأثيره السلبي على أي أفق لتحقيق السلام في المستقبل، لأن الإقرار بشرعية الاستيطان يعني ضمنياً إقراراً بواقع الاحتلال، موضحاً أن الإدارة الأمريكية جاءت بوعود كبيرة بتحقيق "صفقة كبرى" تُنهي الصراع وتجعل حلم السلام واقعاً، وما رأينا منها إلا تماهياً كاملاً مع رغبات وتصورات اليمين الإسرائيلي في نسخته الليكودية المتطرفة.
وشدد على إدانة هذا الإعلان المؤسف الذي يضرب عرض الحائط بفكرة القانون الدولي ذاتها، داعياً دول العالم كافة إلى التصدي لمثل هذا النهج، ومرحباً في الوقت ذاته بحالة الإجماع الدولي المناهض للإعلان الأمريكي التي تشكلت تلقائياً بعيد الإعلان، وعبرت عنها جلسة مجلس الأمن المنعقدة في 20 نوفمبر الجاري.
من جهته، أكد وزير الشؤون الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي أن موقف الإدارة الأمريكية الحالية الذي أعلنه وزير الخارجية مايك بومبيو بشأن الاستيطان يتناقض تماما مع مواقف جميع الإدارات الأمريكية السابقة بهذا الخصوص، وتماديا في الانقلاب "الترامبي" المتواصل على مرتكزات النظام العالمي وأسس العلاقات والاتفاقيات التي تحكم العلاقة بين الدول، وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان والشرعية الدولية وقراراتها عامة.
وقال المالكي إن الموقف الأمريكي يأتي في سياق عملية أمريكية متدحرجة لتكريس الهيمنة الأمريكية على المنظومة الدولية، عبر استبدال القانون الدولي والأنظمة الأممية والاتفاقيات الدولية المختلفة بشريعة الغاب، الهدف منها هدم قواعد القانون الدولي وإعادة بناء العلاقات الدولية بناءً على مفهوم القوة.
وشدد على أن القرار الأمريكي غير قانوني، ولا يعتمد على أية أسس قانونية، وإنما هو قرار سياسي بامتياز، يؤكد على الانحياز الأعمى وغير المسبوق لإدارة ترامب ودعمها لدولة الاحتلال، دولة الإرهاب، دولة الفساد، ودولة العنصرية والتطرف، إسرائيل.
وعلى صعيد متصل، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمته أمام الدورة غير العادية لوزراء الخارجية العرب، أن استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي من شأنه فرض أمر واقع على الأرض سيدفع حتماً نحو الانزلاق تجاه الكراهية والعنف ويقوض فرص حل الدولتين، مشدداً على أن مصر ترفض جميع القرارات الأحادية التي تتعلق بقضايا الحل النهائي وترى فيها استباقاً لما ينبغي أن تسفر عنه مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال إن فرض الأمر الواقع بالقوة لا يضفي أي شرعية قانونية على التغييرات التي تجري في الأراضي المحتلة وإنما يؤدي إلى تقويض فرص استئناف عملية السلام ويسهم في زيادة حالة الاحتقان الشعبي ويرسخ حالة فقدان الأمل لدى الشعب الفلسطيني الشقيق في إمكانية تسوية الصراع سلمياً الأمر الذي يؤدي إلى استمرار التوتر الميداني على نحو يؤثر سلباً على استقرار المنطقة بأكملها.
وفي الوقت ذاته أكد وزير الدولة الإماراتي زكي أنور نسيبه أن الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي ينص على اعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير مخالفة للقانون الدولي تطور خطير ويشكل مخالفة صريحة للإجماع الدولي حول القضية الفلسطينية وما نصت عليه القرارات والقوانين الدولية.
وشدد على أن هذا الإعلان بلاشك يقوض الجهود الدولية لحل الصراع العربي الإسرائيلي ويعرقل مساعي إنعاش مسار عملية السلام، لافتاً النظر إلى أن هذه الخطوات والقرارات الأحادية من شأنها المساس بالحقوق التاريخية والراسخة للشعب الفلسطيني والمنصوص عليها في 54 قراراً صادراً عن مجلس الأمن الدولي منذ العام 1967.