تجسّد المملكة العربية السعودية أسمى معاني الإنسانية والإبداع في نقل مئات الألوف من حجاج بيت الله الحرام؛ واستقبالهم من كل فج عميق في المشاعر المقدّسة لأداء فريضة الحج عامًا بعد عام، مسهلة وميسّرة على ضيوف الرحمن القادمين من أقصى المعمورة تأدية فريضتهم وهم ينعمون بالأمن والطمأنينة.
واستمرت المملكة في كل عام تطوير الطرق والوسائل التي تسهّل وصول المسلمين في رحلتهم الإيمانية إلى أطهر البقاع، منذ كانت تستخدم الوسائل البدائية في النقل، إلى طرق تزخر بعديدٍ من الإمكانات الخدمية الموفرة للجهد والمال، وإلى ثقافة الحج المنظم، الذي نافست به طرق الحج المتعبة قديمًا؛ في العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، حيث أصبحت المبادرة نموذجاً للاهتمام بضيوف الرحمن، بنهج خدمي يعتمد على توظيف التقنية وتسريع الإجراءات وتسهيل الحصول على الخدمات وتحسين تجربة الحاج في أداء الركن الخامس، حيث تميزت مبادرة طريق مكة، التي رسمت بوصلة انطلاقها من الدول السبع: إندونيسيا، وماليزيا، وبنجلاديش، وتركيا، وكوت ديفوار، والمغرب، وباكستان إلى المملكة العربية السعودية، بنقل الصورة الجمالية لرحلة الحجاج إلى البقاع المقدّسة.
وروى عديد من حجاج بيت الله الحرام المغادرين إلى المملكة من الجمهورية الباكستانية الإسلامية في أحاديثهم عن الطرق البرية التي كانت تسلكها قوافل الحجاج فكان يطلق عليها الدروب، موضحين أن القوافل عبر مئات السنين كانت تنساب على ظهور الإبل، وكان الحجيج يخترقون الجبال مشيًا على الأقدام، يحملون متاعهم وأكلهم وشربهم على الدواب، وتحمل أمتعتهم الدواب، حيث كانت هذه وسيلة النقل الوحيدة في الماضي.
ووصفوا مبادرة طريق مكة بصديقة الإنسان والبيئة من خلال العمل المنظم والبُعد عن العشوائية والازدحام وتكدس حقائب الحجاج وطوابير الانتظار.
وأكّدوا أن مبادرة مكة ربطت أرقى الدروب والمسالك إلى البقاع المقدسة وحوّلت السفر للحج من سالف العصر والزمان الذي يحيطه المشقة ما بعدها من مشقة، إلى رحلة أقل ما يطلق عليها رحلة الطمأنينة في جميع الأركان، وأنهت معاناة الحاج في مسالكه من بين الجبال والأودية السحيقة والصحاري، إلى تأمين طرقهم ومأكلهم ومشربهم ومسكنهم.
وذكروا أن أجدادهم واجهوا فقدان الأمن والأمان، حيث كان السفر إلى مكة المكرّمة للحج فيه من المشقة والعناء الشيء الكثير، وكان الأقرباء والأصدقاء يودعون أحبابهم عند العزم على نية الحج وداع الفراق، وذلك من شدة العناء الذي يتجشمه الحاج في رحلة تستغرق أشهرًا، ذهابًا وإيابًا أو من الحج إلى الحج، حيث يقطعون خلال رحلتهم الفيافي والقفار مشيًا على الأقدام، ولا يركب الإبل وغيرها إلا الأغنياء، وهم قلة، والأغلبية يحملون أمتعتهم على ظهورهم ويمشون على أقدامهم، ومن هم أحسن حالًا يجتمعون 10 أشخاص تقريبًا ويستأجرون جملًا يحمل أمتعتهم فقط.
وقالوا: ما وجدناه في هذا الوقت هو الخدمات النوعية والرعاية الكريمة التي تقدمها المملكة لراحة ضيوف الرحمن.